وقال أصحاب الرأي: إذا ادعاه اثنان، يقضى به لهما، وأبطلوا الحكم بالقافة والحديث حجة عليهم.
ومن أدلة ثبوت الشبه قوله في قصة المتلاعنين: إن جاءت به على صفة كذا فهو لفلان. فإنه دليل الالحاق بالقافة، ولكن الإيمان منعته عن الإِلحاق، ولذلك فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"لَوْلَا الْأيْمَانُ لَكَانَ لِي مَعَهَا شَأْنٌ". أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-.
ومما يستدل به في هذا الصدد قوله -صلى الله عليه وسلم- لإِحدى أمهات المؤمنين عندما تساءلت: أو تحلم المرأة؟ قال:"فَمِنْ أَيْنَ يَكوُنُ الشَّبَهُ"؟.
ومن ذلك أمره -صلى الله عليه وسلم- أم المؤمنين سودة بالاحتجاب من أخيها، وقد تقدم ذكر ذلك، وإنما أمرها لما رأى من شبه الولد بعتبة بن أبي وقاص. ويستأنس في هذا القبيل بحديث الصحيحين أنه -صلى الله عليه وسلم- قال للذي ذكر له أن امرأته أتت بولد على غير لونه، قال:"وَلَعَلَّهُ لِعِرْقٍ نَزَعُهُ". لكن القافة إن عارضها الفراش قضي لصاحبه في ثبوت النسب لقوة سببه. وبالله تعالى التوفيق.
فائدة: ذكر الحطاب أن الحد ولحوق الولد قد يجتمعان، وذلك في خمس مسائل: منها: الرجل تكون عنده الجارية فتلد منه ثم يقر بأنه اغتصبها، فيحد ويلحق به الولد للتهمة التي تلحقه في محاولة قطع نسبه منه.
ومنها: من اشترى أمة فولدت ثم استحقت بحرية، فذكر أنه علم أنها كانت حرة ووطئها بعد ما علم بحريتها، فيلزمه الحد ويلحق الولد به.
ومنها: من اشترى جارية على الخيار من اثنتين، فأقر أنه اختار واحدة ثم وطئ التي لم يقع اختياره عليها فحملت منه. فإنه يحد ويلحق الولد به.
ومنها: من اشترى جارية ووطئها فطالبه بائعها بثمنها فيقول الواطئ: إنما تركتها عندي أمانة ووديعة، فإنه يحد، ويلحق الولد به.
ومنها: الرجل يتزوج بأم امرأته عالمًا بذلك فتلد منه، فإنه يحد ويلحق الولد به. قال: وليس ذكر هذه المسائل على سبيل الحصر، بل الضابط أن كل حد يثبت بالإقرار وشقط بالرجوع عنه، فالنسب ثابت منه، وكل حد لازم ثابت بالرجوع عنه، فالنسب معه غير ثابت ا. هـ. منه. =