للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُجْزِ وَلو وَقَعَتْ فيهِ (١)، والضرُورِيُّ بَعْدَ المُخْتَار للطُّلُوعِ في الصُّبْحِ، وللْغُرُوبِ فِي الظُّهْريْنِ، وللْفَجْرِ الصَّادِقِ فِي الْعِشَاءَيْنِ، وتُدْرَكُ فيهِ الصّلَاةُ بِرَكْعةٍ لَا أَقَلَّ،

= إنكارًا شديدًا وكأنه كان يقول: يصلون كما يصلي الناس. وكأنه يستحب وقت الناس الذي يصلون فيه العشاء الآخرة ويؤخرون بعد مغيب الشفق قليلًا. قال مالك: وقد صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبوبكر وعمر فلم يؤخروا هذا التأخير.

(١) قوله: وإن شك في دخول الوقت لم تجْز ولو وقعت فيه؛ هذا الفرع مبني على ما تقرر في الأصول أن الأمر وسائر أقسام التكليف يتعلق عند الجمهور بالفعل قبل دخول وقته إعلامًا به، أي لاعتقاد وجوب الإتيان بذلك الفعل الواجب مثلًا لا نفس الإتيان به، لكنه إذا دخل وقته تعلق التكليف بالمكلف إلزامًا له قبل مباشرته الفعل، ويستمر به ذلك الإلزام حالة مباشرته للفعل وتلبسه به إلى أن ينتهي منه. ولما كان التكليف لا يتعلق بالفعل قبل دخول وقته إلزامًا، إنما يتعلق به على سبيل الإعلام به فقط، كان تقديمه غير مجزولا جائز، أي فكونه قبل وقته لا يلزم يدل على أن تقديمه لا يجوز ولا يجزئ، وكونه لا يجزئ هو المراد هنا بقول المصنف: لم تجز ولو وقعت فيه.

قال في مراقي السعود:

الأمر قبل الوقت قد تعلقا … بالفعل للإِعلام قد تحققا

وبَعْدُ للإلزام يستمر … حال التلبس وقوم فروا

فليس يجز من له يقدَّم … ولا عليه دون حظر يُقدَم

وذا التعبد وما تمحضا … للفعل فالتقديم فيه مرتضى

وقول الناظم: وذا التعبد؛ أي الفعل الذي لا يجزئ ولا يجوز قبل دخول الوقت هو الذي يتمحض للتعبد كالصلاة مثلًا، ووجه عدم قبوله أنه غير آت بما أمر به، لأنه لم يؤمر به إلا في الوقت، ومن أتى بغير ما أمر به فعدم براءة ذمته ظاهر، ولا يجوز الإقدام على العبادة إلا على وجهها الشرعي لأن الله تعالى يقول: {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} (١). أما إذا تمحض الفعل للمفعولية فإنه يرتضى =


(١) سورة يونس: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>