للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الشوكاني في نيل الأوطار: والحاصل أن الجار المذكور في الأحاديث إن كان يطلق على الشريك في الشيء وعلى المجاور له بغير شركة، كانت مقتضية بعمومها على ثبوت الشفعة لهما جميعًا، وحديث جابر، وحديث أبي هريرة يعني قوله: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا قُسِمَتِ الدَّارُ وُحُدَّتْ فَلَا شفْعَةَ فِيهَا". رواه أبو داود، قال: هذان الحديثان يدلان على عدم الشفعة للجار الذي لا شركة له، فيخصصان عموم أحاديث الجار قال: ولكن يشكل على هذا حديث الشريد بن سويد، فإن قوله: "لَيْسَ لَأحدٍ فِيهَا شِرْك وَلَا قَسْم إِلَّا الْجِوَارُ" مشعر لثبوت الشفعة لمجرد الجوار، وكذلك حديت سمرة لقوله فيه: "جَارُ الدَّارِ أَحَقُ بِالدَّارِ" فإن ظاهره أن الجوار المذكور جوار لا شركة فيه. والجواب عن هذين الحديثين أنهما لا يصلحان لأن يعارض بهما ما في الصحيح، مع أنه يمكن الجمع بما في حديث جابر، الذي يرويه عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء عنه، وقد تقدم نصه، فإن هذا الحديث يقول فيه "إِذَا كانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا". وأن ذلك ليدل على أن الجوار لا يكون مقتضيًا للشفعة إلا مع اتحاد الطريق لا بمجرده. ا. هـ. منه.

والشرط الثاني: أن يكون المبيع عقارًا، وذلك ما أشار إليه المصنف بقوله: عقارًا ولو مناقلًا، به، إن انقسم، وهو يشمل الأرض وما اتصل بها من عرش وبناء يباع معها، فإن في ذلك الشفعة، ولا يعلم فيه خلاف بين أهل العلم. ودليله قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فِي كُل شِرْكٍ لَمْ يُقْسَمْ؟ رَبعَةٍ، أَوْ حَائِطٍ".

واختلف في الثمرة المؤبرة، والزرع يباع مع الأرض، فقد قال مالك وأبو حنيفة: يؤخذ ذلك بالشفعة مع أصوله؛ لأنه متصل بما فيه الشفعة، فتثبت فيه الشفعة تبعًا لأصوله- وخالف الشافعي وأحمد، قالا: لا تثبت الشفعة في الثمرة المؤبرة ولا في الزرع، لا مفردًا ولا تبعًا. انظر ابن قدامة.

قال ابن قدامة: قال أبو الخطاب: وعن أحمد رواية أخرى أن الشفعة تجبُ في البناء والغرس، وإن بيع مفردًا، كما قدمنا أنه المذهب عند مالك، ودليل ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ".

والشرط الثالث: أن يكون المبيع مما يمكن قسمه، وهو ما أشار إليه المصنف، بقوله: إن انْقسم، أي أن كان قابلًا للقسمة، فلا شفعة فيما لا يقبل القسمة؛ كالحمام والطاحونة، والمعصرة، والحانوت الصغير، ودليله: ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لَا شُفْعَةَ في فِنَاءٍ وَلَا طَرِيقٍ وَلَا منْقبَةٍ".

والمنقبة: الطريق الضيق، قال ابن قدامة: رواه أبو الخطاب في رؤوس المسائل، قال: وروي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: لا شفعة في بئر ولا فحل. ا. هـ. منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>