كراء دور مكة، ونقل في المقدمات عن مالك فيها أربع روايات: الجواز والمنع والكراهة في أيام الموسم، ولا خلاف عن مالك وأصحابه أنها فتحت عنوة، وقال القرافي: مقتضى هذه المباحث أن يحرم كراء دور مصر وأرضها؛ لأن مالكًا صرح في المدونة وغيرها أنها فتحت عنوة، ويلزم من ذلك تخطئة القضاة في إثبات الأملاك وعقود الإِجارات، والقاعدة المتفق عليها أن مسائل الخلاف إذا اتصل ببعضها قضاء حاكم تعين ذلك القول وارتفع الخلاف، فإذا قضى حاكم بثبوت ملك أرض العنوة ثبت الملك وارتفع الخلاف، وتعين ما حكم به الحاكم. وهذا التقرير يطرد في مكة ومصر وغيرهما. ا. هـ.
وقوله: بلا استيفاء عين قصدًا، قال المواق: لو شرط في المنفعة إمكان استيفائها دون إذهاب العين لأغنى ذلك عن ذكر هذا. قال ابن رشد: ويجوز شراء لبن غنم معينة شهرًا أو شهرين إذا عرف وجه حلابها، بخلاف ثمرة المقثأة. ويكره بيع شاة أو شاتين، قال: والأظهر أنه لا يعارض هذا بإجازته في المدونة أن يكتري البقرة ويشترط حلابها، لأن العذر خف بما انضاف إليها من الكراء، كما خف في الغنم إذا كثرت. انتهى من المواق بتصرف.
وقوله: وبلا حظر ألخ. يريد به، والله تعالى أعلم. أنه لا تجوز الإِجارة على محرم شرعًا، وأنه لا تجوز الإِجارة على العبادات التي لا تجزئ النيابة فيها؛ كالصلاة، والصوم ونحو ذلك، ونسب المواف هنا لابن يونس أنه قال: لا جعل لمن وجد ضالة وأتى بها لأنه لا جعل في أداء الأمانات إلى ربها، قال: وقال ابن رشد: الجعل لا يجوز فيما يلزم الرجل أن يفعله، إنما يجوز فيما لا يلزمه فعله. قال مالك: لو قال: دلّني على امرأة أتزوجها ولك كذا. فلا شيء له، قال: ابن رشد معناه أشر علي وانصح لي في ذلك، وهذا لو سأله إياه دون جعل للزمه أن يفعله لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ". ا. هـ. المواق.
(١) وقوله: ودابة لركوب وإن ضمنت فجنس ونوع وذكورة، قال في المدونة: كراء الدواب على =