= ونحوه. قال: ومن حجر ما لا يقوى عليه فله منه ما عَمَّر. ا. هـ. مواق.
قال ابن قدامة: ظاهر كلام الخرقي أن تحويطها إحياء لها، سواء أرادها للبناء أو للزرع، أو لتكون حظيرة لغنم، أو غير ذلك، ونص على ذلك أحمد في رواية علي بن سعيد، فقال: الإِحياء أن يحوط عليها حائطًا، ويحفر فيها بئرًا أو نهرًا. ولا يعتبر في ذلك تسقيف، وذلك لما روى الحسن، عن سمرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا عَلَى أَرْضٍ فَهِيَ لَهُ". رواه أبو داود، والإِمام أحمد في مسنده، ويروى عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. قال: ولابد أن يكون الحائط منبعًا يمنع ما وراءه، وأن يكون مما جرت العادة بمثله، ويختلف باختلاف البلدان. ا. هـ. منه.
(٣) وقوله: وحفر بئر ماشية، قال الباجي ليس حفر بئر الماشية إحياء. قاله ابن القاسم. ا. هـ. غير أننا لم نجد مستندًا لهذه الفتيا، إنما وجدنا الدليل إلى جانب أن من حفر بئرًا في موات للتمليك فله حريمها، واختلفوا في تحديد ذلك الحريم، ففي رواية عن أحمد:"مَنْ سَبَق إِلَن مَا لَمْ يَسْبِقْ إلِيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ، وَلَهُ حَرِيمُهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ". وروى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"حَرِيمُ الْبِئْر أَرْبَعُونَ ذِراعًا لأعْطَانِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ". وعن الشعبي مثله. رواه أبو عبيد.
إن هذا الحديث الذي رواه أبو عبيد ظاهر في بئر الماشية لقوله:"لأعْطَانِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ". وقد حدد لها حريمها الذي لا يجوز لأحد إحياؤه. لذلك، فقد يستشكل نفي الإِحياء عن بئر الماشية، ولعلهم اطلعوا على ما لم نطلع عليه، فهم أهل اليد الطولى في العلم وسعة المعرفة، وأصحاب القدم الراسخة في العلم. غفر الله لنا ولهم، وجمعنا بهم في مستقر رحمة الله.
(١) قوله: وجاز بمسجد سكنى لرجل تجرد للعبادة: دليله أن الصفّة من مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد كان أصحاب الصفّة يسكنونها ويقيمون بها حتى يستغني أحدهم بما يتحصل به على مسكن بالملك أو بالأجرة. =