للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (٤) وقوله: وإنشاد ضالة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا رَدَّهَا اللهُ عَلَيْكَ. فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهذَا". وروى الترمذي أيضًا عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أوْ يَبْتَاعُ في الْمَسْجِدِ فَقُولوُا: لَا أَرْبَحَ الله تِجَارَتَكَ. وإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ فِيهِ ضَالَّةً فَقُولُوا: لَا رَدَّهَا اللهُ عَلَيْكَ". قال الترمذي: حسن غريب. وذكر الحطاب: قال الطرطوشي في كتاب البدع: ولو لم يرفع بذلك صوته، ولكن يسأل عن ذلك جلساءه غير رافع صوته فلا بأس بذلك، لأنه من جنس المحادثة، وذلك غير ممنوع. ا. هـ. منه.

وفي الحطاب هنا فرع: قال القرطبي في شرح مسلم في قوله: إن عمر مر بحسان ينشد الشعر في المسجد فلحظ إليه، قال: أي أومأ إليه بعينه أن اسكت، وهذا يدل على أن عمر كان يكره إنشاد الشعر في المسجد، وكان قد بنى رحبة في خارج المسجد، وقال من أراد أن يلغط أو ينشد شعرًا فليخرج إلى هذه الرحبة. وقد اختلف في ذلك؛ فمن مانع مطلقًا، ومن مجيز مطلقًا، والأولى التفصيل: فما كان يقتضي الثناء على الله تعالى أو على رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو الذب عنهما، كما كان شعر حسان، أو يتضمن الحث على الخير، فهو حسن في المساجد وغيرها، وما لم يكن كذلك لم يجز، لأن الشعر لا يخلو في الغالب من الكذب والفواحش والتزيين بالباطل، ولو سلم من ذلك فأقل ما فيه اللغو والهذر، والمساجد منزهة عن ذلك لقوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (١). ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ هذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ كَلَام النَّاسِ، إِنَّمَا هِيَ لِلذِّكْر وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآن". ا. هـ. منه بلفظه.

(٥) وقوله: ورفع صوت كرفعه بعلم. قال المواق: قال ابن القاسم: رأيت مالكًا يعيب على أصحابه رفع أصواتهم في المسجد. ا. هـ. منه.

وقال الزركشي: يكره اللغط ورفع الصوت في المسجد، ففي مصنف ابن أبي شيبة أن عمر بن الخطاب سمع رجلًا رافعًا صوته في المسجد فقال: أتدري أين أنت؟. وفي البخاري نحوه، قلت: ولفظ ما في البخاري عن السائب بن يزيد قال: كنت قائمًا في المسجد فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فائتني بهذين. فجئته بهما، فقال من أنتما؟ أو من أين أنتما؟. قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟!. ا. هـ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>