= ذلك من قول أو فعل. ا. هـ. قال الحطاب: مذهب الشافعي القبول فورًا على الفور، وظاهر مذهبنا يجوز على التراخي لما يأتي بعد من إرسال الهبة للموهوب قبل القبول. والشافعي يقول: لابد من توكيل الرسول في أن يهب عنه، ولم يشترط ذلك مالك، وقد وقع لأصحابنا أن للموهوب له التروي في القبول. ا. هـ.
قال ابن قدامة: والإِيجاب والقبول أن يقول: وهبتك، أو أهديت إليك، أو أعطيتك، أو هذا لك. ونحوه من الألفاظ الدالة على هذا المعنى، والقبول أن يقول: قبلت أو رضيت أو نحو هذا، قال: والأفعال الدالة على الإِيجاب والقبول كافية، ولا يحتاج إلى لفظ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان يهدي ويهدى إليه، ويعْطي ويُعْطَى، ويفرق الصدقات ويأمر سعاته بتفريقها وأخذها، وكان أصحابه يفعلون ذلك، ولم ينقل عنهم في ذلك إيجاب ولا قبول، ولا أمر به أحدًا، ولا أمر تعليمه لأحد. ولو كان ذلك شرطًا لنقل عنهم نقلًا مشهورًا. قال وكان ابن عمر على بعير لعمر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر:"بِعْنِيهِ" فقال: هو لك يا رسول الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ عُمَرَ فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ". ولم ينقل قبول النبي - صلى الله عليه وسلم - من عمر، ولا قبول ابن عمر من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان شرطًا لفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلمه ابن عمر. ا. هـ. منه.
(٤) وقوله: وحيز وإن بلا إذن وأجبر عليه، نسب المواق هنا للمدونة: من وهب هبة لغير ثواب، فقبضها الموهوب له بغير أمر الواهب، جاز قبضه، إذ يقضى بذلك على الواهب إن منعه إياها. ا. هـ. قال الحطاب: وهذا على المشهور من أن الهبة تلزم بالقبول، قال ابن عرفة: والمعروف لزوم العطية بعقدها. قال المازري: للواهب الرجوع في هبته قبل حوزها عند جماعة، وفي قولة شاذة عندنا، وحكاه الطحاوي عن مالك، وحكاه ابن خويزمنداد عن مالك. ا. هـ.
قلت: المعروف من الأدلة أن الهبة يشترط في ملكها الحوز، ففي البيهقي ما نصه: باب شرط القبض في الهبة، ثم ساق سندًا إلى عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه منحها جداد عشرين وسقا من مال بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إليَّ غنى بعدي منك، ولا أعز عليَّ فقرًا منك، وإني كنت نحلتك من مالي جداد عشرين وسقًا، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك ذلك، وإنما هو مال الوارث؛ وإنما هو أخواك وأختاك =