للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وتبرعت به فهو جائز. قال تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (١).

قال ابن قدامة: وظاهر كلام الخرقي الرِّواية الأولى للآية المتقدمة ولقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (٢). ا. هـ. منه.

أما هبة الأب لابنه، فقد قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا وهب لولده الطفل دارًا بعينها، أو عبدًا بعينه، وقبضه له من نفسه وأشهد عليه، أن الهبة تامة، هذا قول مالك، والشافعي، والثوري، وأصحاب الرأي، وروينا معنى ذلك عن شريح وعمر بن عبد العزيز.

وقال ابن عبد البر: أجمع العُلماء على أن هبة الأب لابنه الصغير في حجره لا تحتاج إلى قبض، وأن الإِشهاد فيها يغني عن القبض وإن وليها أبوه، لما رواه مالك عن الزهري عن ابن المسيِّب أنَّ عثمان قال: من نحل ولدًا صغيرًا لم يبلغ أن يحوز نحلة، فأعلن ذلك وأشهد على نفسه، فهي جائزة وإن وليها أبوه.

وقال الشافعي: لابد أن يقول الوالد: قد قبلته له، لأن الهبة عنده لا تصح إلا بإيجاب وقبول. وقال ابن حنبل: أحب إِليَّ أن يقول: قد قبضته له. قيل فإن سها؟ قال: إن كان مفرزًا رجوت. قال ابن قدامة: وهذا موافق للإِجماع المذكور عن سائر العُلماء. وإن كان الواهب للصبي غير أبيه من أوليائه، فقد قال أصحاب مذهب أحمد: لابد أن يوكل من يقبل للصبي ويقبض له. قال ابن قدامة: والصحيح عندي أن الأب وغيره في هذا سواء؛ لأنه عقد يجوز أن يصدر منه، ومن وكيله فجاز له أن يتولى طرفيه كالأب.

قلت: وما ذهب إليه ابن قدامة جار على القاعدة الفقهية، أي على أحد شطريها وهو الراجح، وهي: هل اليد الواحدة يمكن أن تقبض وتدفع في آن واحد، وقد عقدها الشيخ علي الزقاق المغربي في المنهج المنتخب بقوله:

هل تقبض اليد وتدفع معا؟ … وهل يكون قابضًا ما صنعا

كمال محجور لأول عرف … للثاني أجر صُنْع مصنوع تلف =


(١) سورة النساء: ٤.
(٢) سورة البقرة: ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>