= جدًّا مثل العصا، والسوط، والحبل وأشباه ذلك، واستدلوا لذلك بما رواه ابن ماجة بإسناده عن سويد بن غفلة، قال: خرجت مع سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان حتى إذا كنَّا بالعذيب التقطت سوطًا، فقالا لي: ألقِهِ، فأبيت حتى قدمنا المدينة، أتيت أُبيّ بن كعب، فذي ت ذلك له، فقال أصبت، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٦) وقوله: وله حبسها ليأتي ربُّها، أو التصدق أو التملك ولو بمكة، نسب المواق هنا للجلاب: إنْ مضت السنة ولم يأت طالبها، فهو مخير إن شاء أنفقها أو تصدق بها وضمنها، أو حبسها ليأتي ربها، قال اللخمي: ثبت في الحديث: "عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا". وفي النسائي:"فَإِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا فَهُوَ مَالٌ لِلَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ". قال: فتضمنت هذه الأحاديث أن الحكم فيها بعد الحول خلافه قبله، وله أن يتصرف لنفسه. والذي يقتضيه قول ابن القاسم في المدونة أن له أن ينتفع بها، غنيًا كان فقيرًا، وقال مالك في الذي اشترى كبَّة الخيوط من المغنم بدرهم، فوجد فيها صليب ذهب فيه سبعون مثقالًا: له أن يحب لنفسه لنفسه. قال ابن رشد: لأنه لما لم يمكنه قسمة ذلك على الجيش لافتراقه، صار حكمه حكم اللقطة بعد التعريف، واليأس من وجود صاحبها، في جواز أكلها لملتقطها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فَشَأْنَكِ بِهَا". لأن مالكًا إنما كره له أكلها بعد التعريف مخافة أن يأتي صاحبها فيجده عديمًا لا شيء له، ولو علم أنه لا يجد صاحبها أبدًا لما كره له أكلها، قال: وافتراق الجيش في هذه المسألة كاليأس من وجود صاحبها، قال: وهذا في الأربعة الأخماس الواجبة للجيش، وأما الخمس فواجب عليه أن يضعه في مواضع الخمس. ا. هـ.
ومن الأدلة على صحة تملكها بعد انقضاء السنة قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث زيد بن خالد:"فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا". وبعض ألفاظ الحديث " وَإِلَّا فَهِيَ كَسَبِيل مَالِك". وفي لفظ:"فَانْتَفعْ بِهَا". وفي لفظ "فَاسْتَمْتعْ بِهَا" وفي لفظ: "فَشَأْنَكَ بِهَا". وفي لفظ:"ثُمَّ كُلْهَا".
وقوله: ولو بمكة، من أدلته فتوى ابن عمر: روى الجوزجاني بإسناده عن الحر بن الصبَّاح: كنت عند ابن عمر بمكة إذْ جاء رجل فقال: إني وجدت هذا البرد وقد نشدته وعرفته، فلم يعرفه أحد، وهذا يوم التروية ويوم يتفرق الناس، فقال: إن شئت قومته قيمة عدل ولبسته، وكنت له ضامنًا متى جاءك صاحبه دفعت إليه ثمنه، وإن لم يجئ له طالب فهو لك إن شئت. ا. هـ. =