للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (٤) وقوله: كإبل فإن أخذت عرفت ثم تركت بمحلها، قال الحطاب: ظاهره أن هذا في جميع الأزمان، قال في المقدمات: وهو ظاهر قول مالك في المدونة، وفي سماع أشهب من العتبة، وقيل: هو خاص بزمن العدل وصلاح الناس، وأما في الزمن الذي فسد فيه الناس، فالحكم أن تؤخذ فتعرف، فإن لم تعرف بيعت ووقف ثمنها لصاحبها، فإن أيس منه تصدق به، على ما فعله عثمان لما داخل في زمنه الفساد، وقد روي ذلك عن مالك. أ. هـ. قال ابن عبد السلام: وصحيح مذهب مالك عدم التقاطها مطلقًا. ا. هـ. منه.

قلت: وفي حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، قال يا رسول الله، فضالّة الإِبل؟ فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى احمرت وجنتاه أو أحمر وجهه وقال: "مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا حَتَّى يَأْتِيَهَا رَبُّهَا". قال الخطابي: وأما ضالة الإِبل فإنه لم يجعل لواجدها أن يتعرض لها لأنها قد ترد الماء وترعى الشجر وتعيش بلا راع، وتمتنع على أكثر السباع، فيجب أن يخلى سبيلها حتى يأتي ربها.

قال: وقوله في الإِبل: "مَعَهَا حِذَاؤُهَا وسِقَاؤُهَا" فإنه يريد بالحذاء أخفافها، يقول أَنها تقوى على السير وقطع البلاد. وأراد بالسقاء أنها تقوى على ورود الماء فتحمل ربها في أكراشها. ا. هـ.

وقال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن كل حيوان يقوى على الامتناع من صغار السباع، وورود الماء، لا يجوز التقاطه ولا التعرض له، سواء كان لكبر جثته كالإِبل، والخيل، والبقر، أو لطيرانه كالطيور كلها، أو لسرعته كالظباء، أو لنابه كالكلاب والفهود. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: مَن أخذ ضَالةً فهو ضال، أي مخطئ، وبهذا قال الشافعي، والأوزاعي، وأبو عبيد.

(٥) وقوله: ووجب لقط طفل نبذ كفاية: هذا الكلام على اللقيط والطفل الممبود، وهو بمعنى الملقوط، لأنه فعيل بمعنى مفعول، كقولهم: قتيل، وجريح، وطريح.

قال ابن شأس، كل صبي ضائع لا كافل له، فالتقاطه من فروض الكفاية، فمن وجده وخاف عليه الهلاك إن تركه، لزمه أخذه ولم يحل له تركه. ا. هـ. الحطاب. ودليل وجوب التقاطه قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (١) الآية. ولأن في التقاطه إحياء نفس: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (٢). الآية. =


(١) سورة المائدة: ٢.
(٢) سورة المائدة: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>