= كان الأول ما نفذ وصيته، نظر فيه، فإن وجده أمينًا قويًا أقره، وإن كان أمينًا ضعيفًا، ضم إليه من يعينه، وإن وجده فاسقًا عزله وأقام غيره.
ثم ينظر في أمر أمناء القاضي الذين يرد إليهم النظر في أمر الوصايا التي لم يعين لها وصي، فإن وجدهم على ما يرام أقرهم على تولية من قبله لهم، ومن تغير حاله منهم إلى فسق عزله.
ثم ينظر في أمر الضوالِّ واللُّقط التي تولى القاضي حفظها، فإن كانت مما يخاف تلفه كالحيوان، باعها وحفظ ثمنها لأربابها، وكتب عليها من الأمور ما تتم به معرفتها لمن جاء ينشدها.
(٣) وقول المصنف رحمه اللهُ: فحكم بقول مقلده، قال البغوي: على الحاكم أن يحكم بما في كتاب الله سبحانه وتعالى، فإن لم تكن الحادثة التي يحتاج إلى الحكم فيها في كتاب الله، يحكم بالسنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن لم يجدها شي السنة، فحينئذ يجتهد، والدليل على ذلك ما روي عن معاذ رضي اللهُ عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له لما أراد أن يبعثه إلى اليمن:"كَيْفَ تَقْضِي إذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ"؟ قال: أقضي بكتاب اللهُ. قال:"فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ"؟ قال: فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال:"فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِىِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ" - صلى الله عليه وسلم -. قال: أجتهد رأَيي، قال: فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدره وقال:"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ". وقد تقدم هذا الحديث قريبًا بلفظ يقارب هذا، قال البغوي: قوله: أَجتهد رأيي، أراد به رد القضية إلى معنى الكتاب والسنة عن طريق القياس. قال: وقوله في الحديث: "وإذَا اجْتَهَدَ فأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ" لم يرد به أنه يؤجر على الخطإ، بل يؤجر على اجتهاده في طلب الحق، لأن اجتهاده عبادة، والإثم في الخطإ عنه موضوع إذا لم يأل جهده، وهذا فيمن كان مجتهدًا، أما من لم يكن مجتهدًا فهو متكلف لا يعذر في الخطإ في الحكم، بل يخاف عليه أعظم الوزر، روي عن بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ؛ وَاحِدُ في الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ، فَأَمَّا الَّذِي في الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَن جَهْل، فَهُوَ فِي النَّارِ". وهذا الحديث صحيح، وقد تقدم. قَال: وجوز أصحاب الرأي للعامي أن يتقلد القضاء، ثم يقضي بما يفتي به أهل العلم. ا. هـ. منه.
وفي الحطاب: قال ابن فرحون: يلزم القاضي المقلد إذا وجد المشهور أن لا يخرج عنه. وذكر عن المازري أنه بلغ درجة الإجتهاد وما أفتى قط بغير المشهور، وعاش ثلاثًا وثمانين سنة، وكفى به قدوة في هذا. ا. هـ. منه. =