للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ساكت، ما أرى إلا أنه لم يقبل القضاء. فقال ابن البناء: قد قبل إلا أني أكفيه، فقال: امض، لا تعلم أحدًا بما بيني وبينك، وافصل بين خصمين بغير مذهبه، قال ابن البناء: ففعلت، فأمرهما ابن مسكين فدارا بين يديه وفصل بمذهبه فأخبرت الأمير فحمد الله وشكره. ا. هـ. من المواق بتصرف قليل.

(٧) وقوله: وإلا فله الهرب وإن عين، قال ابن رشد: الهروب عن القضاء واجب وطلب السلامة منه لازم، لا سيما في هذا الوقت. وقال ابن شأس: للإِمام إجباره، وله هو أن بهرب بنفسه منه إلا أن يعلم أنه متعين عليه فيجب عليه القبول. ا. هـ. المواق.

وفي الحطاب: وروي أن عمر رضي اللهُ عنه دعا رجلًا ليوليه، فأبى، فجعل يديره على الرضا فأبى، ثم قال له: أنشدك اللهُ يا أمير المؤمنين أي ذلك تعلم خيرًا لي؟ قال ألَّا تلبي. قال فاعفني. قال: قد فعلت ا. هـ. قال: وطلب القضاء والحرص عليه حسرة وندامة يوم القيامة.

وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "سَتحْرِصُونَ عَلَى الإمَارَةِ وَتَكُونُ حَسْرَةً وَنَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ". فمن طلب القضاء وأراده وحرص عليه وُكِّل إليه وخيف عليه فيه الهلاك، ومن لم يسأله وامتحن به وهو كاره له خائف على نفسه فيه أعانه الله عليه. روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ وُكِّل إِلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَا اسْتَعَانَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ". وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ فَإنَّكَ إِنْ تُؤتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ تُعَنْ، وَإنْ تُؤْتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ تُوكَلْ إلَيْهَا". وقال الجزيري في وثائقه: القضاء محنة وبلية، ومن دخل فيه فقد عرَّض نفسه للهلاك؛ لأن التخلص منه عسر، فالهروب منه واجب، لا سيما في هذا الوقت، وطلبه نوك وإن كان حسبة. قاله الشعبي. والنوك - بالضم - الحمق. قاله في الصحاح، قال قيس بن الخطيم: وداء النَّوْكِ ليس له دواء. والنَّواكةُ الحماقة. ا. هـ. منه.

(٨) وقوله: وحرم لجاهل وطالب دنيا: تقدم حديث بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ" الحديث. وفيه: "وَرَجُلٌ قَضَى بَيْنَ النَّاسِ بالْجَهْلِ فَهُوَ في النَّارِ" قال: وقلنا. أن القاضي إذا اجتهد فليس عليه شيء، قال البيهقي: اجتهاده بغير علم لا يهديه إلى الحق اتفاقًا، فلم يكن مأذونًا له فيه. ا. هـ.

وذكر الحطاب أنه يكره طلب القضاء من قبل العدل المشهور الذي ينفع الناس بعلمه، ويخاف إن تولى القضاء أن لا يقدر على ذلك. ونسبه للتوضيح، قال: وقال ابن عرفة عن المازري: وفي كونه في =

<<  <  ج: ص:  >  >>