للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بعض.

والعدالة شرط في قبول الشهادة لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (١). فلا تقبل شهادة الفاسق إذًا، ولقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (٢). فهو أمر بالتوقف عن نبإ الفاسق، والشهادة نبأ.

فالعدل هو الذي تعتدل أحواله في دينه وأفعاله، أما في دينه؛ فلا يرتكب كبيرة، ولا يداوم على صغيرة. قال الشافعي رحمه الله: ليس من الناس أحد نعلمه إلا أن يكون قليلًا، يمحض الطاعة والمروءة، حتى لا يخلطهما لشيء من المعاصي، ولا يمحض المعصية ويترك المروءة حتى لايخلطهما بشيء من الطاعة والمروءة، فإذا كان الأغلب الأظهر من أمره الطاعة والمروءة، قبلت شهادته، وإذا كان الأغلب الأظهر من أمره المعصية وخلاف المروءة، ردت شهادته. وهذا المعنى نظمه من قال:

والعدل من ي ٥ جتنب الكبائرا … ويتقي في الأغلب الصغائرا

وما أبيح وهو في الأعيان … يقدح في مروءة الإِنسان

قال: والمروءة المطلوبة هي ما يتصل بآداب النفس مما يعلم أن تاركه قليل الحياء، وهي حسن الهيئة، والعشرة، والسيرة، والصناعة.

وقال بعضهم: المروءة هي المحافظة على ترك ما يوجب الذم فعلهُ من مباح.

(٢) وقوله: وإن أعمى في قول، قال البغوي: شهادة الأعمى مقبولة فيما يثبت بالسماع، أو حيث انتفت الريبة عن شهادته؛ بأن أقر رجل لآخر في أذنه، فتمسك به، فشهد عليه، قال: وممن أجاز شهادته القاسم، والحسن وعطاء، وابن سيرين، والشعبي، والزهري. قال الزهري: أرأيت ابن عباس لو شهد أكنت ترده؟

قلت: أليس في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلوُا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ". أليس فيه دليل على قبول شهادة الأعمى؟. فإن في هذا الحديث أن الصبح يثبت بإعلامه، وأنه يحرم لذلك الأكل والشرب على الصائم. =


(١) سورة الطلاق: ٢.
(٢) سورة الحجرات: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>