= وكذلك المنبوذ؛ لاتجوز شهادته في شيء من وجوه الزنا، لا قذفٍ ولاغيره ا. هـ. منه.
وفي البيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَجوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا مَحْدُودٍ فِي الإسْلَامِ وَلَا مَحْدُودَةٍ وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ".
قال البيهقي: ولا يصح في ترك شهادة المحدود شيء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى جاء فيه قوله: والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودًا في حد أو مجربًا في شهادة زور أو ظنينًا في ولاء أو قرابة. قال: وهذا أراد به؛ قبل أن يتوب، فقد روينا عنه أنه قال لأبي بكرة رحمه الله: تُب تقبلْ شهادتك. والظاهر من الأدلة أن المحدود إذا ثبتت توبته جازت شهادته ولو كان قاذفًا، روي ذلك عن عمر، وأبي الدرداء، وابن عباس، وبه قال عطاء، وطاوس، ومجاهد، والشعبي، والزهري، وعبد الله بن عتبة، وجعفر بن أبي ثابت، وأبو الزناد، ومالك، والشافعي، وأحمد، والبتي، وإسحاق، وأبو عبيد، وابن المنذر، ويحيى بن سعيد، وربيعة، واستدلوا بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} (١). أي إلا الذين تابوا فاقبلوا شهادتهم وليسوا بفاسقين، وهذا التفسير هو الذي تؤيده الصناعة الفقهية، فإن المتعاطفات قبل المخصص يعود تخصيصه إلى جميعها، خلافًا لأبي حنيفة الذي يقصر عوده على الجملة الأخيرة فكان لا يرى جواز شهادة القاذف وإن تاب، واستدل أيضًا بحديث عمرو بن شعيب المتقدم، وقال بقوله جماعة، منهم النخعي والثوري وسعيد بن المسيب، وهم محجوجون بأن الحديث الذي استدلوا به لا تنهض به حجة؛ لأن في سنده حجاج بن أرطاة وهو مدلس. وقد رواه بالعنعنة، قال ابن عبد البر: لم يرفعه مَنْ روايته حجة. وقد روي من غير طريق حجاج، ولم يذكر فيه قوله "ولا مَحْدُودٌ فِي الإِسْلَامِ". فدل ذلك على أنها من غلطه. ا هـ. المغني. والحجة عليهم أيضًا بما ثبت أن عمر بن الخطاب كان يقول لأبي بكرة، حين شهد على المغيرة بن شعبة: تب أقبل شهادتك. ولم ينكر ذلك عليه أحد من الصحابة فكان إجماعًا. روى سعيد بن المسيب، شهد على المغيرة ثلاثة رجال: أبو بكرة، ونافع بن الحارث، وشبل بن معبد، وكان معهم زياد فنكل، فجلد عمر الثلاثة وقال لهم: تويوا تقبل شهادتكم. فتاب الرجلان وأبى أبي بكرة، فقبلت =