للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من الذهب خمسون دينارًا إن كانوا من أهل الذهب، ومن الورق إن كانوا أهل ورق ستمائة درهم، أو خمس فرائض من الإِبل. قال مالك وأصحابه: هي في مال الجاني. وبه قال الحسن بن حيي. وقال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما: هي على العاقلة، قال القرطبي: وهو أصح لحديث المغيرة بن شعبة أن امرأتين كانتا تحت رجلين من الأنصار - في رواية - تغايرتا؛ فضربت إحداهما الأخرى بعمود فقتلتها، فاختصم الرجلان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أحد الرجلين: نَدِي من لا صاحَ ولا أكل؟ ولا شربَ ولا استهل؟ فمثل ذلك يطل؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أَسَجْعٌ كَسَجْع الْأعْرَابِ"؟ فقضى فيه غرة وجعلها على عاقلة المرأة. قال: وهو حديث ثابت صحيح، نص في موضع الخلاف، يوجب الحكم. قال القرطبي: واحتج علماؤنا بقول الذي قضى عليه: كيف أغرمُ؟ قالوا: وهو يدل على أن المحكوم عليه معين وهو الجاني، قالوا: وفي القياس أن كل جان جنايته عليه إلا ما قام بخلافه الدليل الذي لا معارض له، مثل إجْماع لا يجوز خلافه، أو نص سنة من جهة نقل الآحاد العدول لا معارض لها فيجب الحكم بها، وقد قال تعالى: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} (١). وقال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٢).

(٧) وقوله: إلا أن يحيا فالدية إن أقسموا، قال القرطبي: ولا خلاف بين العُلماء أن الجنين إذا خرج حيًا فيه الكفارة مع الدية، واختلفوا في الكفارة إذا خرج ميتًا فقال مالك: فيه الغرة والكفارة، وقال الشافعي وأبو حنيفة: فيه الغرة ولا كفارة. قال: واختلفوا فيمن يرث الغرة، فقال مالك والشافعي وأصحابهما: الغرة موروثة عن الجنين على كتاب الله تعالى لأنها دية، وقال أبو حنيفة وأصحابه: هي للأم وحدها لأنها بسبب جناية جني عليها بقطع عضو من أعضائها وليست بدية.

(٨) وقوله: وإن تعمده بضرب بطن أو ظهر أو رأس ففي القصاص خلاف، هذا الكلام على تعمد ضرب المرأة على بطنها أو على ظهرها حتى تلقي جنينًا حيًا ثم يموت، فقال كافة العُلماء: فيه الدية كاملة في الخطإ، وفي العمد بعد القسامة، وقيل بغير قسامة. واختلفوا فيما به تعلم حياته بعد اتفاقهم على أنه إن استهل صارخًا أو رضع أو تنفس نفسًا محققة، فهو حي فيه الدية كاملة. فقال الشافعي وأبو حنيفة: الحركة تدل على حياته، وقال مالك: لا تدل على ذلك إلا إذا قارنها طول إقامة.

قال: والذكر والأنثى عند كافة العُلماء سواء في الحكم. ا. هـ. وبالله تعالى التوفيق.


(١) و (٢) سورة الأنعام: ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>