للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال ابن قدامة: إن في جنين الحرة المسلمة غرة، وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم عمر بن الخطاب، وعطاء، والشعبي، والنخعي، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وقد روي عن عمر رضي اللهُ عنه أنه استشار الناس في إمْلَاصِ المرأة، فقال المغيرة بن شعبة: شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بغرة عبدٍ أو أمة، فقال: لتأتين بمن يشهد معك. فشهد له محمد بن مسلمة. وقال ابن قدامة: إنما تجب الغرة إذا سقط الجنين من الضربة، ويعلم ذلك بأن يسقط عقيب الضرب، أو ببقائها متألمة إلى أن يسقط. وقال: ولو قتل حاملًا ولم يسقط جنينها، لم يضمن الجنين، وبهذا قال مالك، وقتادة، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر.

وقال: إن الغرة قيمتها نصف عشر الدية، وهي خمس من الإِبل، وروي ذلك عن عمر وزيد رضي اللهُ عنهما، وبه قال النخعي، والشعبي، وربيعة، وقتادة، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، قال: ولأن ذلك ما قدره الشرع في الجنايات وهو أرش الموضحة، ودية السن، فرددناه إليه.

وقال: إن الغرة موروثة عن الجنين كأنه سقط حيًا، لأنها دية له، وبدل عنه، فيرثها ورثته، كما لو قتل بعد الولادة، وبهذا قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. وقال: وإذا ضرب بطن امرأة فألقت أجنة، ففي كل واحد فيها غرة، وبهذا قال الزهري، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر، وقال: لا أحفظ عن غيرهم خلافه.

وقال: وعلى كل من ضرب بطن امرأة فألقت جنينًا عتق رقبة مؤمنة، سواء كان الجنين حيًا أو ميتًا. هذا قول أكثر أهل العلم، منهم: الحسن، وعطاء، والزهري، والحكم، ومالك، والشافعي، وإسحاق، قال ابن المنذر: كل من نحفظ عنه من أهل العلم أوجب على ضارب بطن المرأة تلقي جنينًا، الرقبة مع الغرة، وروي ذلك عن عمر رضي اللهُ عنه.

وقال أبو حنيفة: لا تجب الكفارة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوجب الكفارة حين أوجب الغرة. لكنه محجوج بمنطوق قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (١). وهذا الجنين إن كان أبواه مؤمنين أو أحدهما فهو مؤمن محكوم بإيمانه شرعًا. ا. هـ. والله تعالى الموفق.


(١) سورة النساء: ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>