. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولا تتحمل ما دون الثلث. ودليله ما رويَ عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَعَبْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا".
قال ابن قدامة: رويَ عن ابن عباس موقوفًا، ولم نعرف له في الصحابة مخالفًا فكان إجماعًا.
قلت: عدم تحمل العاقلة العبد قال به ابن عباس والشعبي والثوري، ومكحول، والنخعي، والبتي، ومالك، والليث، وأحمد، وإسحاق، وابن أبي ليلى. وأما عدم تحملها العمد، لا خلاف أنها لا تحمل دية ما يجب فيه القصاص، وأكثر أهل العلم على أنها لا تحصل عمدًا مطلقًا، وقال مالك: إنها تحمل الجنايات التي لا قصاص فيها؛ كالجائفة والمأمومة.
وأما كونها لا تحمل صلحًا، فقد قال بذلك ابن عباس والزهري، والعبي، والثوري، والليث، وأحمد، والشافعي، وقد تقدم حديث ابن عباس في ذلك.
وأما كونها لا تحمل اعترافًا، قال ابن قدامة: لا نعلم فيه خلافًا، وبه قال ابن عباس والشعبي، والحسن، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، وسليمان بن موسى، والثوري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وبه ورد حديث ابن عباس المتقدم.
وأما كونها لا تحمل ما دون الثلث، فقد قال به سعيد بن المسب، وعطاء، ومالك وإسحاق، وعبد العزيز، وعمر بن أبي سلمة، وبه قال الزهري.
وخالف أبو حنيفة في هذا الفرع والثوري، قالا: تحمل السن والموضحة وما فوقهما؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الغرة التي في الجنين على العاقلة، وقيمتها نصف عشر الدية.
والصحيح من مذهب الشافعي أنها تحمل الكثير والقليل؛ لأن من حمل الكثير حمل القليل. ا. هـ.
(٣) وقوله: ودية غلظت وساقط لعدمه، قال الحطاب: الدية المغلظة تكون في شبه العمد؛ وهو ضرب الزوج والمؤدب والأب في ولده، والأم والأجداد، وفعل الطبيب والخاتن، وهو كل من جاز فعله شرعًا. وقيل: اللطمة والوكزة والرمية بالحجر والضرب بعصاة متعمدًا فهذا شبه العمد، لا يقتصر منه، وتكون فيه دية مغلظة. انتهى.
قال ابن قدامة: واختلفت الروايات في مقدار الدية المغلظة، فروى جماعة عن أحمد أنها أرباع، كما ذكر الخرقي، وهو قول الزهري، وربيعة، ومالك، وسليمان بن يسار، وأبي حنيفة، وروي ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه. =