= وقال ابن قدامة: إن الدية تغلظ بثلاثة أشياء: إذا قتل في الحرم، وفي الأشهر الحرم، وإذا قتل محرمًا، وقد نص أحمد على من قتل محرمًا في الحرم، وفي الشهر الحرام، واختلف قوله في التغليظ بقتل ذي رحم محرم، قال: وممن روي عنه التغليظ: عثمان وابن عباس وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، وعطاء، وطاوس، والشعبي، ومجاهد، وسليمان بن يسار، وجابر بن زيد، وقتادة والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وإسحاق. واختلف القائلون بالتغليظ في صفته، قال مالك والشافعي: هو إيجاب دية العمد في الخطإ، وقال مالك: تغلظ على الأب والأم والجد دون غيرهم، واحتج مالك والشافعي على صفة التغليظ بما روي عن عمر أنه أخذ من قتادة المدلجي، دية ابنه حين حذفه بالسيف فقتله، ثلاثين حقه، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة، ولم يزد عليه في العدد شيئًا، وهذه قصة اشتهرت فلم تنكر، فكانت إجماعًا.
(٤) وقوله: وهي العصبة: قال المواق: العاقلة هم العصبة، قربوا أو بعدوا، ولا يحمل النساء ولا الصبيان شيئًا من العقل. وليس لأموال العاقلة حد إذا بلغته عقلوا ولا لما يؤخذ منهم حد، ولا يكلف أغنياؤهم الأداء عن فقرائهما. ومن لم تكن له عصبة فعقله في بيت المال. والموالي بمنزلة العصبة من القرابة. ويدخل في القرابة الإِبن والأب. قال سحنون: وإن كانت العاقلة ألفًا فهم قليل فيضم إليهم أقرب القبائل إليهم.
ومذهب مالك وأبي حنيفة أن العاقلة كل العصبة؛ يدخل في ذلك آباء القاتل وأبناؤه وإخوته وعمومته وأبناؤهم، وهو رواية عن الإِمام أحمد، واحتجوا بما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عقل المرأة بين عصبتها، من كانوا لا يرثون منها شئًا، إلا ما فضل عن ورثتها، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها. رواه أبو داود، قال: يحققه أن العقل موضوع على التناصر، وهم أهله، ولأن العصبة في تحمل العقل كهم في الميراث في تقديم الأقرب فالأقرب، وأبناؤه وآباؤه أحق العصبات بميراثه، فكانوا أولى بتحمل عقله.
وقال الشافعي: ليس آباؤه وأبناؤه من العصبة وهي الرِّواية الأخرى عن الإمام أحمد، لما روى أبو هريرة: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها فاختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم. متفق عليه. وفي رواية: ثم ماتت القاتلة، =