= يخص الله في كتابه أو على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - حكمًا في شيء من الأشياء، فيُستثنى من جملة هذا الخبر.
فممَّا دل عليه الكتاب إلزام القاذف حدَّ المقذوف إذا لم يكن معه أربعة شهداء يشهدون له على صدق ما رمى به المقذوف. وخص من رمى زوجته بأن أسقط عنه الحد إذا شهد أربع شهادات. وممَّا خصَّته السنة حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقسامة. وقد روى ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ إلَّا في الْقَسَامَةِ". خرَّجه الدَّارقُطْنِي. قال القرطبي: وقد احتج مالك في موطئه لهذه المسألة بما فيه كفاية. قلت: وسوف أختم المبحث بإذن الله بما جاء في الموطإ. ثم إن القسامة إنما يوجبها اللوث ولابد منه، واللوث هو أمارة تجعل مدعي القتل يغلب على الظن صدقه، كشهادة العدل الواحد على رؤية القتل، وكأن يرى الميت يتشحط في دمه، والمتهم نحوه أو قربه وعليه آثار القتل، وقال مالك إن من اللوث قول المقتول: دمي عند فلان. أو قتلني فلان. واستدل على ذلك بقصة قتيل بني إسرائيل، وأبى ذلك الشافعي والبخاري وجماعة من العُلماء.
وقال أبو بكر بن العربي: اختلف في اللوث اختلَافًا كثيرًا؛ مشهور المذهب أنه الشاهد العدل، وقال محمد: هو أحب إليَّ، قال: وأخذ به ابن القاسم وابن عبد الحكم؛ وروي عن عبد الملك بن مروان أن المجروح أو المضروب إذا قال: دمي عند فلان. ومات، كانت القسامة. وبه قال مالك والليث بن سعد. فإن قيل: لا يقول مالك بالقسامة إلا باللوث فلم أورد حديث القسامة ولا لوث فيه؟