للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فاقْتُلُوهُ". قال مالك: وذلك فيمن خرج من الإِسلام إلى غيره، لا من خرج من ملة سواه إلى غيرها. وجاء عن عمر رضي الله عنه وعن غيره استتابة المرتد ثلاثًا، لقوله تبارك وتعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ} (١) الآية. وسئل مالك عن قول عمر: ألا حبستموه ثلاثًا وأطعمتموه في كل يوم رغيفًا؟ فقال: لا بأس به، وليس بالمجمع عليه. قال مالك: وإذا تاب المرتد قبلت توبته، ولا حد عليه فيما صنع في ارتداده. وعن ابن شأس: عرض التوبة على المرتد واجب، والنص أنه يمهل ثلاثة أيام، قال مالك: وما علمت في استتابته تعطيشًا ولا تجويعًا، ولا عقوبة عليه إذا تاب. ا. هـ. من المواق.

وقال الحطاب: وقال القاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة: وعرض التوبة واجب على الظاهر على المذهب، إلا أنه إن قتله قاتل قبل استتابته، فبئس ما فعل، ولا يكون فيه قود ولا دية. ا. هـ.

وقال ابن قدامة: ولا يقتل المرتد حتى يستتاب ثلاثًا، هذا قول أكثر أهل العلم، منهم عمر، وعلي، وعطاء، والنخعي، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وهو أحد قولي الشافعي.

وعن الإِمام أحمد رواية أخرى أنه لا تجب استتابته، لكن تستحب، وهذا القول الثاني للشافعي، وهو قول عبيد بن عيير، وطاوس، ويروى ذلك عن الحسن، قالوا: لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فاقْتُلُوهُ". ولم يذكر استتابة.

واحتج من قال بوجوب الاستتابة بما روى مالك في الموطإ عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القارئ عن أبيه أنه قدم على عمر رجل من قبل أبي موسى، فقال له عمر: هل كان من مُغَرِّبة خبر؟ قال نعم، رجل كفر بعد إسلامه، فقال: ما فعلتم به؟ قال: قربناه فضربنا عنقه. فقال عمر: فهلا حبستموه ثلاثًا فأطعمتموه كل يوم رغيفًا، واستتبتموه، لعله يتوب أو يراجع أمر الله؟ اللهم إني لم أحضر ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني. قالوا: ولو لم تجب الاستتابة لما برئ عمر من فعلهم.

قال ابن قدامة: وإذا ثبت وجوب الاستتابة فمدتها ثلاثة أيام. روي ذلك عن عمر رضي الله عنه، وبه قال مالك، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وهو أحد قولي الشافعي، وقوله الآخر: إن تاب في الحال


(١) سورة الأنفال: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>