للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقاله ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم. وروي عن مالك. لا يقبل منه.

قلت: كون المقر يحد بإقرار واحد، هو قول الحسن، وحماد، ومالك، واالشافعي، وأبي ثور، وابن المنذر، واحتجوا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أغْدُ يَا أُنَيْس إِنْ امْرَأَةِ هذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا". قالوا: وقد رجم الجهنية وإنما اعترفت مرة. قال البغوي: وفي الحديث دليل على أن من أقر بالزنى على نفسه مرة واحدة يقام عليه الحد، ولا يشترط فيه التكرار، كما لو أقر بالسرقة ولو مرة واحدة يقطع، ومن أقر بالقتل ولو مرة واحدة يقتص منه.

قال: وذهب قوم إلى أنه لا يحد ما لم يقر أربع مرات وإليه ذهب الحكم بن عتيبة، وابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، قالوا: لابد أن يقر أربع إقرارات في أربعة مجالس، فإن أقر أربع إقرارات في مجلس واحد، فهو كإقرار واحد. واحتجوا بحديث ماعز بن مالك الأسلمي، وهو متفق عليه، من حديث أبي هريرة قال: جاء ماعز بن مالك الأسلُمي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني قد زنيت، فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الأيمن فقال: يافسول الله، إني قد زنيت، فأعرض عنه، ثم جاءه من شقه الأيسر فقال: يا رسول الله، إني قد زنيت، فأعرض عنه، ثم جاءه فقال: إنِّي قد زَنيت، قال ذلك أربع مرات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انْطَلِقُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ". فانطلقوا به فلما مسته الحجارة أدبر يشتد، فلقيه رجل في يده لَحي جمل فضربه به فصرعه، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ".

قلت: وفي بعض روايات هذا الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لماعز: "أَشَرِبْتَ خَمْرًا"؟ فقال: لا! فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريحًا. وفي رواية أخرى لهذا الحديث: "لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ"؟ قال: لا. وفي رواية أخرى فقال له - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ ضَاجَعْتَها"؟ قال: نعم. قال: "فَهَلْ بَاشَرْتَهَا"؟ قال: نعم. قال: "هَلْ جَامَعْتَهَا"؟ قال: نعم. وفي حديث أبي هريرة: قال - صلى الله عليه وسلم -: "أَنِكْتَهَا"؟ قال: نعم. قال: "حَتَّى دَخَلَ ذلِكَ مِنْكَ فِي ذلِكَ مِنْهَا"؟ قال: نعم. قال: "كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءُ فِي الْبِئْرِ"؟ قال: نعم. قال: "تَدْرِيَ مَا الزِّنَى"؟ قال: نعم. أتيت منها حرامًا ما يأتي الرجل من امرأته حلالًا، قال: "مَا تُرِيدُ بِهذَا الْقَوْلِ"؟ قال: تطَهِّرُنِي. فأمر به فرجم. قال البغوي: في هذا الحديث دليل على أن من أقر على نفسه بما يوجب عقوبة لله سبحانه وتعالى، يجوز للإمام أن يلقنه ما يسقط به عنه الحد، فيقول للزاني: لعلك لمست أو فاخذت، ويقول =

<<  <  ج: ص:  >  >>