= للسارق: لعلك أخذت من غير حرز، أو اختلست .. ونحو ذلك كما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بسارق فقال:"لَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ"؟ أَخرجه أبو داود، وأتي عمر رضي الله عنه بسارق فقال: أَسَرَقْتَ؟ قل: لا. فقال: لا، فتركه ولم يقطعه، أخرجه عبد الرزاق، وروي مثل ذلك عن أبي الدرداء، وأبي هريرة وبه قال الشافعي، وأحمد، وأبي ثور. قال: وأما ما كان من حقوق العباد مالًا كان أو عقوبة، فلا يجوز فيه التلقين. ا. هـ. بتصرف قليل.
وقال البغوي أيضًا: وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - بعدما هرب ماعز:"فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ" دليل على أن من أقر على نفسه بالزنى، ثم رجع فقال: ما زنيت، أو كذبت، أو رجعت، سقط الحد عنه، وإذا رجع أثناء إقامة الحد عليه، سقط عنه ما بقي، وهو قول عطاء بن أبي رباح، والزهري، وحماد بن أبي سليمان، وإليه ذهب مالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأحمد وإسحاق قال: وكذلك السارق والشارب إذا رجع عن إقراره تسقط عنه العقوبة. وذهب جماعة إلى أن الحد لا يسقط بالرجوع. عن الإِقرار، منهم جابر والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وابن أبي ليلى، وأبو ثور، قالوا: ولو سقط عنه الحد لصار مقتولًا ولوجبت ديته على عواقل القاتلين. ا. هـ. منه.
تنبيهٌ: يؤخد من قضية ماعز بن مالك أنه ينبغي بل يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر نفسه، ولا يذكر ذلك لأحد كما أشار به أبو بكر وعمر على ماعز، وأن من اطلع على ذلك يستر عليه بما ذكرنا ولا يفضحه، ولا يرفعه إلى الإِمام كما قال - صلى الله عليه وسلم - في هذه القضية لهزال:"لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِك لَكَانَ خيْرًا لَكَ" أي مما أشرت به إليه من قولك له: ائت رسول فأخبره بما صنعت، ذلك أن أبا داود أخرج من طريق نعيم بن هزال قال: كان ماعز بن مالك يتيمًا في حجر أبي فأصاب جارية من الحي، فقال له أبي: أئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأَخبره بما صنعت لعله يستغفر لك. ورجاء أن يكون له مخرج.
قال ابن حجر في فتح الباري. وفي الحديث، يعني حديث قصة ماعز، أنه يستحب لمن وقع في معصية وندم أن يبادر إلى التوبة منها ولا يخبر بها أحدًا ويستتر بستر الله، وإذ اتفق أنه أخبر أحدًا، فيستحب أن يأمره بالتوبة وستر ذلك عن الناس كما جرى لماعز مع أبي بكر وعمر، وقد أخرج قصته معهما في الموطإ عن يحيى بن سعيد عن سعد بن المسيب مرسلة، ووصله أبو داود وغيره من رواية يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه. وفي القصة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهزال:"لَوْ سَتَرْتَه بِثَوْبِكَ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ". وفي =