للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال ابن قدامة: وللإحصان شروط سبعة:

أحدها: الوطء في القُبُل ولا خلاف في اشتراطه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبُ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ". والثيوبة تحصل بالوطء، فوجب اعتباره. ولا خلاف في أن عقد النكاح الخالي من الوطء لا يحصل به إحصان، سواء حصلت فيه خلوة أو وطء فيما دون الفرج، فلابد أن يكون وطئًا حصل به تغييب الحشفة في القُبُل، لأن ذلك حد الوطء الذي تتعلق به أحكام الوطء.

الثاني: أن يكون في نكاح لأن النكاح يسمى إحصانًا بدليل قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}، يعني المتزوجات، ولا خلاف بين أهل العلم في أن وطء الزنى ووطء الشبهة لا يصير به الواطن محصنًا؛ ولا نعلم خلافًا بين أهل العلم في أن التسري لا يحصل به الإِحصان لواحد منهما؛ لكونه ليس بنكاح ولا تثبت فيه أحكام النكاح.

الثالث: أن يكون النكاح صحيحًا، وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم: عطاء، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي.

وقال أبو ثور: يحصل الإِحصان بالوطء في النكاح الفاسد، وحكي ذلك عن الليث، والأوزاعي، قالوا: لأن الصحيح والفاسد سواء في أكثر الأحكام مثل وجوب المهر والعدة، وتحريم الربيبة، وأم المرأة، ولحاق الولد، فكذلك الإِحصان.

الرابع: الحرية، وهي شرط في قول كل أهل العلم، إلَّا أبا ثور فإنه يقول: العبد والأمة محصنان يرجمان إذا زنيا، إلا أن يكون إجماع يخالف، وقال الأوزاعي: في العبد تحته حرة، هو محصن يرجم إذا زنى، وإن كان تحته أمة لم يرجم، قال ابن قدامة: وهذه الأقوال تخالف النص والإِجماع، فإن الله تعالى يقول: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (١) النساء، والرجم لا يتنصف، وإيجابه كله يخالف النص ولخالف الإِجماع المنعقد قبله.

والخامس، والسادس: البلوغ، والعقل، فلو وطيء وهو صبي أو مجنون ثم بلغ أو عقل، لم يكن محصنًا، وكذلك العبد إذا وطيء في رقه، هذا قول أكثر أهل العلم، وخالف بعض أصحاب الشافعي فقالوا: يصير محصنًا لأن هذا وطء يحصل به الإِحلال للمطلّق ثلاثًا، فحصل به الإِحصان كالموجود حال الكمال. =


(١) سورة النساء: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>