للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لغيره، وإنما راجع التوراة لتعريفهم أن حكم التوراة موافق لما يحكم به عليهم.

قلت: والدليل إلى جانب من يقول: إن الكتابي يرجم إذا زنى لحديث ابن عمر هذا المتفق عليه.

ولحديث جابر عند مسلم وأحمد: رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أسلم ورجلًا من اليهود وامرأة. ولحديث البراء بن عازب عند مسلم وأحمد وأبي داود، قال: مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - يهودي محمم مجلود فدعاهم فقال: "أَهكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزِّنَى فِي كِتَابِكُمْ"؟ قالوا: نعم! فدعا رجلًا من علمائهم فؤال: "أَنْشُدُكَ بِاللهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، أَهكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزِّنَى فِي كِتَابِكُمْ"؟ قال: لا! ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك بحد الرحم، ولكن كثر في أشرافنا، وكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلَ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْا أَمَاتوهُ". فأمر به فرجم، فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا} إلى قوله تعالى: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} (١). يقولون: ائتوا محمدًا فإن أمركم بالجلد والتحميم فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله تعالى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. قال: هي في الكفار كلها. أخرجه المجد في المنتقى وقال: رواه أحمد ومسلم وأبو داود. قال الشوكاني: وأحاديث الباب تدل على أن الذمي يحد كما يحد المسلم. ا. هـ. وبالله تعالى التوفيق.

(٧) وقوله: ولم يعرف بداءة البينة ثم الإِمام، نقل المواق: قال مالك منذ أقامت الأئمة الحدود. فلم نعلم أحدًا منهم تولى ذلك بنفسه، ولا ألزم ذلك البينة خلافًا لأبي حنيفة القائل: إن ثبت الزنى ببينة بدأ الشهود ثم الإِمام ثم سائر الناس. ا. هـ. منه بلفظه.

وقال البغوي في الكلام على حديث: "اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا". قال وفي الحديث دليل على أن حضور الإِمام ليس بشرط لإِقامة الرجم. وقال أيضًا: وفيه دليل على جواز الوكالة في إقامة الحد. ا. هـ. منه.

تنبيهٌ: لابد من حضور جماعة من المسلمين إقامة هذا الحد لقوله تعالى في سورة النور: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٢) واختلف في عدد الحضور، وقال الحطاب: قال ابن بكير في أحكام =


(١) سورة المائدة: ٤١.
(٢) سورة النور: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>