= بالذهب لا بالثلاثة دراهم على غلاء الذهب ورخصه، وترك حديث ابن عمر - والله أعلم - من أجل اختلاف الصحابة رضوان الله عليهم في المجن الذي قطع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمنهم من يقول: ثلاثة دراهم، ومنهم من يقول: عشرة دراهم ومنهم من يقول: خمسة دراهم.
قال الشوكاني: حديث ابن عمر حجة مستقلة، ولو سلمنا صلاحية روايات تقدير قيمة المجن بعشرة دراهم لمعارضة الروايات الصحيحة لم يكن ذلك مفيدًا؛ لعدم ثبوت القطع بما دون ذلك؛ لثبوت القطع في ربع دينار، وهو دون العشرة دراهم، فيتعين طرح الروايات المتعارضة في ثمن المجن، ويتعين الأخذ بما أسلفنا عن جماعة من الصحابة أنهم قطعوا في ربع دينار وفي ثلاثة دراهم.
(٥) وقوله: لا شبهة له فيه، قال ابن شأس: من شروط المسروق أن يكون الملك تامًا قويًا، يعني بحيث لا تكون للسارق فيه شبهة، فإذا كان له فيه شبهة فلا قطع لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِدْرَووا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ".
(٦) وقوله: مخرج من حرز، قال ابن شأس: من شروط المسروق أن يكون محرزًا؛ معناه أن يكون في مكان هو حرز لمثله في العادة والعرف، وذلك يختلف باختلاف عادات الناس في احتراز أموالهم، وهو في الحقيقة كل ما لا يعد صاحب المال في العادة مضيعًا لماله بوضعه. والتحقيق أنه يشترط خروجه به من الحرز، وهو قول أكثر أهل العلم. وهذا مذهب عطاء، والشعبي، وأبي الأسود الدؤلي، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، وعمرو بن دينار، والثوري، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، قال ابن قدامة: ولا نعلم عن أحد من أهل العلم خلافهم، إلا قولًا حكي عن عائشة رضي الله عنها، والحسن، والنخعي، فيمن جمع المتاع ولم يخرج به من الحزر، عليه القطع، وعن الحسن أيضًا مثل قول الجماعة، ومن هنا تعلم أن قول المصنف: وإن لم يخرج هو، غير مسلم، بل قول مرجوح، والله الموفق.
(٧) وقوله: وشرطه التكليف، دليله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثلاثٍ … " الحديث. قال ابن عرفة: نصوص المذهب واضحة بأن شرط قطع السارق تكليفه حين سرقته. وإذًا، فإنه يقطع الحر، والعبد، والذمي، والمعاهد؛ لأن حد القطع حق لله تعالى.
قال ابن قدامة: أما الحر والحرة فلا خلاف فيهما، لأن الله تعالى قال: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا =