للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أَيْدِيَهُمَا} (١). ولأنهما سواء في سائر الحدود، وقد قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد سارق صفوان، وقطع يد المخزومية التي سرقت القطيفة.

وأما العبد والأمة، فإن جمهور الفقهاء وأهل الفتوى على أنهما يجب قطعهما بالسرقة، إلَّا ما حكي عن ابن عباس أنه قال: لا قطع عليهما، لأنه حد لا يمكن تنصيفه فلم يجب في حقهما كالرجم. وحجة الجمهور عموم الآية، وما رواه الأثرم أن رقيقًا لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها فأمر كثير بن الصَّلْت أن تقطع أيديهم، ثم قال عمر: والله إني لأراك تجيعهم، ولكن لأغرمنّك غرمًا يشق عليك، ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟ قال: أربعمائة درهم، فقال عمر: اعطه ثمانمائة درهم. وروى القاسم بن محمد عن أبيه أن عبدًا أقر بالسرقة عند عليّ فقطعه، رواه الإِمام أحمد في مسنده. قال ابن قدامة: وهذه قصص تنشر ولم تنكر، فتكون إجماعًا.

(٨) وقوله: إلا الرقيق لسيده، قال ابن رشد، إنما لم يقطع العبد في مال سيده لئلا تجتمع على لسيد عقوبتان: ذهاب ماله، وقطع يد غلامه. ا. هـ. المواق.

قال ابن قدامة: وأما العبد إذا سرق من مال سيده فلا قطع عليه في قولهم جميعًا، إلَّا ما روي عن

داود أنه يقطع؛ متمسكًا بعموم الآية. وحجة الجمهور ما روى السائب بن يزيد، قال: شهدت عمر بن الخطاب، وقد جاءه عبد الله بن عمر بن الحضرمي بغلام له، فقال: إن غلامي هذا سرق فاقطع يده، فقال عمر: ما سرق؟ قال سرق مرآة امرأتي ثمنها ستون درهمًا، فقال: أرسله، لا قطع عليه، خادمكم خذ مالكم، ولكنه لو سرق من غيره قطع، وهذه قضايا تشتهر ولم يخالفها أحد فتكون إجماعًا يخصص عموم الآية.

(٩) وقوله: وثبتت بإقرار إن طاع، وإلا فلا، ولو عين السرقة وأخرج القتيل، قال اللخمي: قال مالك فيمن أقر بعد التهديد: لا حكم لإِقراره ولا يؤخذ به، قال في المدونة: وإن أخرج السرقة أو عين القتيل في حال التهديد لم أقطعه ولم أقتله حتى يقر بعد ذلك آمنًا. وقال مالك والشافعية والحنفية إنه يكفي لقطع السارق إقراره مرة واحدة، وقالوا في حديث أبي أمية المخزومي الذي استدل به الإمام أحمد من وافقه على اشتراط تعدد الإقرار ليقطع به صاحبه، قالوا: إنما يدل على أنه يندب له تلقين المسقط =


(١) سورة المائدة: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>