= قالوا: لأن الآية جاءت في مساق الامتنان، والله لا يمتن بمحرم، وحتى على هذا القول فليس هناك ما يستدل به على إباحتها في شرع من قبلنا؛ لأن الله تعالى يقول:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}(١) الآية. هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم.
(٨) وقوله: وعزر الإِمام لمعصية الله أو لحقّ آدمي، قال المواق: من المدونة، أما النّكال والتعزير فجوزوا فيه العفو والشفاعة وإن بلغ الإِمام. وذكر شهاب الدين أن الحدود مقدرة بخلاف التعزير، والحد واجب إقامته بخلاف التعزير، والحد تعبد، فحد من سرق ربع دينار ومن سرق مائة ألف واحد، بخلاف التعزير فبحسب الجناية، والحد في مقابلة المعاصي، بخلاف التعزير فإنه يكون للمكلف والبهيمة والمجنون، والتعزير يسقط بالتوبة بخلاف الحد إلا الحرابة.
وقال مالك: يجوز أن يزاد التعزير على الحد إذا رأى الإِمام، لما روي أن معن بن زائدة عمل خاتمًا على نقش خاتم بيت المال، ثم جاء به صاحب بيت المال فأخذ منه مالًا، فبلغ عمر رضي الله عنه فضربه مائة وحبسه، فكُلّم فيه فضربه مائة أخرى، فكلم فيه من بعد فضربه مائة ونفاه. وروى الإمام أحمد أن عليًا أتي بالنجاشي قد شرب خمرًا في رمضان، فجلده ثمانين، الحد، وعشرين سوطًا لفطره في رمضان.
وروي عن أحمد رحمه الله أنه لا يزاد التعزير على عشر جلدات. وبهذا قال إسحاق لما روى أبو بردة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشْرَة أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى". متفق عليه. ومذهب أبي حنيفة والشافعي أنه لا يبلغ به أدنى حد مشروع، وعلى هذا فلا يبلغ التعزير أربعين سوطًا لأنها حد العبد في الخمر والقذف عند أبي حنيفة، ولا يبلغ عشرين في العبد وأربعين في الحر عند الشافعي. انظر المغني.
(٩) وقوله: حبسًا ولومًا وبالإِقامة ألخ. نقل المواق عن ابن شأس: كانوا يعاقبون الرجل على قدره وقدر جنايته؛ منهم من يضرب، ومنهم من يحبس، ومنهم من يقام واقفًا على قدميه في المحافل، ومنهم من تنزع عمامته، ومنهم من يحل إزاره. وقال ابن عرفة: ومما جرى به العمل من أنواع التعزير ضرب القفا مجردًا عن ساتر بالأكف. ولا يخص جنس التعزير بسوط أو يد أو غيره. وقال ابن عرفة: =