= قلت: الدليل إلى جانب من يجيز بيع المدبَّر إذا لم يكن لصاحبه مال للحديث المتفق عليه الذي مر آنفًا، والله تعالى الموفق.
(٤) وقوله: وإذا لم يحمل الثلث إلا بعضه عتق وبقي ماله بيده،: جملة القول فيه أن المدبّر يعتق بعد موت سيده من ثلث المال عند أكثر أهل العلم؛ يروى ذلك عن عليّ وابن عمر، وبه قال شريح، وابن سيرين، والحسن، وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، ومكحول، والزهري، وقتادة، وحماد، ومالك وأهل المدينة، والشافعي، والثوري، وأهل العراق، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور وأصحاب الرأي.
وقال ابن مسعود ومسروق، ومجاهد، والنخعي، وسعيد بن جبير: إن المدبر يعتق من رأس المال.
وأما إذا لم يحمل المثلث بعضه فإنه يجري عليه ما ورد في المبعَّض. والله أعلم.
هذا، وسوف أورد هنا ما ورد في الموطإ بخصوص المدبَّر لتكمل الفائدة.
قال: الأمر عندنا فيمن دبر جارية له، فولدت أولادًا بعد تدبيره إيَّاها، ثم ماتت الجارية قبل الذي دبَّرها، أن ولدها بمنزلتها؛ قد ثبت لهم من الشرط ما ثبت، مثل الذي ثبت لها، ولا يضرهم هلاك أمهم، فإذا مات الذي كان دبَّرها فقد عتقوا إن وسعهم الثلث. وقال مالك: كل ذات رحم فولدها بمنزلتها؛ إن كانت حرة فولدت بعد عتقها فولدها أحرار، وإن كانت مدبَّرة، أو مكاتبه، أو معتقه إلى سنين، أو مخدمة، أو بعضها حرًا، أو مرهونة، أو أم ولد، فولد كل واحدة منهن على مثل حال أمه، يعتقون بعتقتها ويرقُّون برقها.
وقال مالك في مدبرة دبرت وهي حامل، ولم يعلم سيدها بحملها؛ إنَّ ولدها بمنزلتها، وإنما ذلك بمنزلة رجل أعتق جارية له وهي حامل ولم يعلم بحملها. قال مالك: فالسنة فيها أن ولدها يتبعها ويعتق بعتقها. قال مالك: وكذلك لو أن رجلًا ابتاع جارية وهي حامل، فالوليدة وما في بطنها لمن ابتاعها، اشرط ذلك المبتاع أو لم يشترطه. قال مالك: ولا يحل للبائع أن يشترط ما في بطنها؛ لأن ذلك غرر يضع من ثمنها. ولا يدري أيصل ذلك إليه أم لا؟ وإنما بمنزله ما لو باع جنينًا في بطن أمه؛ وذلك لا يحل له لأنه غرر. =