= ولو كان هذا واجبًا لسأل عنه ليقع حكمه عليه، لأنه - صلى الله عليه وسلم - بعث مبينًا. قال القرطبي: وفي هذا الحديث دليل على أن الخير في قوله تعالى: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} هو القوة على الاكتساب مع الأمانة. والله تعالى أعلم.
(٣) وقوله: وظاهرها اشتراط التنجيم ألخ .. قال الحطاب: ظاهر كلام المؤلف وابن الحاجب وغيرهما أن الكتابة الحالة لا تصح إلا على ظاهر المدونة. وقال ابن عرفة: قول الشيخ، يعني في الرسالة وغيره، لا يدل على منعها حالة، بل على عدم صدق لفظ الكتابة عليها فقط. ا. هـ. منه.
قال القرطبي: الكتابة تكون بقليل المال وكثيره، وتكون على أنجم، لحديث بريرة. وهذا لا خلاف فيه بين العُلماء والحمد لله. فلو كاتبه على ألف درهم ولم يذكر أجلًا نجمت عليه بقدر سعايته وإن كره السيد. وقال ابن العربي: اختلف السلف في الكتابة إذا كانت حالة على قولين، والصحيح في النظر أن الكتابة مؤجلة، كما ورد الأثر بها في حديث بريرة حين كاتبت أهلها على تسع أواق في كل عام أوقية، وكما فعل الصحابة، ولذلك سميت كتابة لأنها تكتب ويشهد عليها، فقد استوثق الاسم والأثر، وعضده المعنى، فإن المال إن جعله حالًا وكان عند العبد شيء فهو مال مقاطعة وعقد مقاطعة لا عقد كتابة.
قال: ولم يرد عن مالك نص في الكتابة الحالة، والأصحاب يقولون إنها جائزة. ويسمونها قطاعةً. وقال الشافعي: لا تجوز على أقل من ثلاثة أنجم، ولو كان قوله هذا صحيحًا لأمكن القول لغيره بأنها لا تجوز على أقل من خمسة نجوم؛ لأنها أقل النجوم التي كانت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بريرة، وعلم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقضى فيها. فكان القول به أولى بالصواب، فقد روى البخاري عن عائشة أن بريرة دخلت عليها تستعينها في كتابتها وعليها خمسة أواق نجمت عليها في خمس سنين. الحديث.
(٤) وقوله: وبَيْعُ كِتَابَةٍ: قال القرطبي: حديث بريرة على اختلاف طرقه وألفاظه يتضمن أن بريرة وقع فيها بيع بعد كتابة تقدمت. واختلف الناس في بيع المكاتب بسبب ذلك. وقد ترجم البخاري:"باب بيع المكاتب إذا رضي". وإلى جواز بيعه للعتق إذا رضي المكاتب بالبيع ولو لم يكن عاجزًا، ذهب ابن المندر، والداودي، وهو الذي ارتضاه أبو عمر بن عبد البر. وبه قال ابن شهاب، وأبو الزناد: وربيعة، غير أنهم قالوا: لأن رضاه بالبيع عجز منه.