= وروى وكيع عن بسطام بن مسلم عن عطاء بن أبي رباح أن طارق بن المرقع أعتق عبدًا له فمات، وترك مالًا، فعرض على طارق فأبى، وقال إنما جعلته لله ولست آخذ ميراثه، فكتب فيه إلى عمر، فكتب عمر أن اعرضوا على طارق الميراث، فإن قبله، وإلا فاشتروا به رقيقًا فاعتقوهم. فبلغ خمس عشرة أو ست عشرة رقبة. قال أبو عمر: وأما أهل المدينة فأكثرهم على أن السائبة ميراثه لجماعة المسلمين، وممن روي هذا عنه منهم: ابن شهاب، وربيعة، وأبو الزناد، وهو قول عمر بن عبد العزيز، وأبي العالية، وعطاء، وعمرو بن دينار. قال: ولا يختلف في أن سالمًا مولى أبي حذيفة أعتقته مولاته ليلى أو لبنى بنت يعار، وكانت تحت أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، فأعتقته سائبة ولم يقل أحد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك، ولما مات سالم ترك ابنته، فأعطاها عمر بن الخطاب نصف ماله، وجعل النصف في بيت المال. قال: ولا خلاف أن سالمًا مولى أبي حذيفة أعتق سائبة، ولا خلاف أنه قتل يوم اليمامة، وإنما نسب القضاء فيه إلى عمر لأنه كان بأمر أبي بكر، وكان عمر يومها القاضي لأبي بكر.
وقال أبو العالية، والزهري، ومكحول، ومالك بن أنس: لا ولاء على السائبة ويرثه المسلمون. وولاؤه لجماعة المسلمين، والحجة في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الْوَلَاءُ لِمَنْ أعْتَقَ". ومعلوم أن من يتولاه السائبة لم يعتقه، فكيف يكون له ولاؤه؟
وقال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما: من أعتق سائبة فولاؤه له وهو يرثه دون الناس، وقال بهذا عطاء، والحسن، وابن سيرين، وضمرة بن حبيب، وراشد بن سعد، وبه يقول محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. وحجتهم في ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". فنفى بذلك أن يكون الولاء لغير معتق، ونهى عليه السلام عن بيع الولاء وهبته. واحتجوا أيضًا بقول الله عز وجل:{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ}(١)،. واحتجوا أيضًا بما رواه أبو قيس عن هذيل بن شرحبيل، قال: قال رجل لعبد الله بن مسعود: إني أعتقت غلامًا لي سائبة، فمات وترك مالًا، فقال عبد الله: إن أهل الإِسلام لا يسيبون إنما كانت تسيب الجاهلية، أنت وارثه وولي نعمته. ا. هـ. منه.
تنبيهٌ: الذي يسلم على يد رجل، قال مالك وأصحابه، وعبد الله بن شبرمة، والثوري،