والأوزاعي، والشافعي، وأصحابه، قالوا: لا ولاء عليه للذي أسلم على يديه، ولا يرثه بحال وإنما ولاء ذلك المسلم وإرثه لجماعة المسلمين إذا لم يدع وارِثًا، وبهذا قال أحمد وداود، وحجتهم في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". قالوا: وهذا غير معتق فكيف يكون له ولاء؟
وخالف في ذلك ربيعة بن أبي عبد الرحمن، والليث بن سعد، وأبو حنيفة وأصحابه قالوا: من أسلم على يدي رجل ووالاه وعاقده ثم مات ولا وارث له غيره، فميراثه له. واحتجوا بما رواه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن موهب الهمداني أو الخولاني عن تميم الداري قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المشرك يسلم على يدي الرجل المسلم فقال:"هُوَ أَحَقُّ النَّاسِ وَأَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ". قال عبد العزيز: فحدث به ابن موهب عمر بن عبد العزيز، فشهدته قضى بذلك في رجل أسلم على يدي رجل مسلم، فمات وترك مالًا وابنة، فقسم ماله بينه وبين ابنته، فأعطى الإبنة النصف وأعطى الذي أسلم على يديه النصف.
(٣) وقوله: وجر ولد المعتق كأولاد المعتقة ألخ. دليله حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه أن أباه يعقوب تزوج أم عبد الرحمن، فولدته، وكان يعقوب مكاتبًا لأوس بن الحدثان، وكانت أم عبد الرحمن مولاة لرجل من الحُرَقَة، فاختصما إلى عثمان في ولايته، فقضى عثمان أن ما ولدت أم عبد الرحمن ويعقوب مكاتب فهو للحرقي، وما ولدت بعد عتقه فهو لأوس. أخرجه البغوي في السنة وأخرجه الدارمي، ورجاله ثقات. قال البغوي: ومعنى هذا أن الأم إذا كانت معتقة إنسان، والأب رقيق أو
مكاتب، فولاء الولد لموالي الأم، فإن عتق الأب انجر إلى مواليه، سواء كان ولادة المولود قبل العتق
للأب أو بعده.
وأخرج مالك في موطئه عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام اشترى عبدًا فأعتقه، ولذلك العبد بنون من امرأة حرة، فلما أعتقه الزبير قال: هم مواليَّ، وقال موالي أمهم: بل هم موالينا، فاختصموا إلى عثمان بن عفان، فقضى عثمان للزبير بولائهم. وقال مالك في الموطإ: الأمر المجمع عليه عندنا في ولد العبد من امرأة حرة، وأبو العبد حر، أن الجد أبا العبد يجر ولاء ولد ابنه الأحرار من امرأة حرة، يرثهم ما دام أبوهم عبدًا، فإن عتق أبوهم رجع الولاء إلى مواليه. ا. هـ. منه.
وقال البغوي: ولو عتق الجد، والأب مملوك، يجر موالي الجد ولاء الولد عند أكثر أهل العلم، =