للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنُدِبَ فَصْلٌ بَيْنَ تَكْبِيرهِ وَرُكُوعِهِ (١)، وَهَلْ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُل رَكْعَةٍ أو الْجُلِّ

= المسيء صلاته، أنه ورد في لفظ هذا الحديث من رواية أحمد وأبي داود وابن حبان: "ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ". فتحصل أن قوله مَا تَيَسَّرَ في الرِّواية الأخرى للحديث مجمل مبين، أو مطلق مقيد، أو مبهم مفسر، إذ لا محيد له عن إحدى هذه الحالات.

وقوله: فيجب تعلمها إن أمكن، أي لأن الأحاديث التي تدل على فرضيتها هي الدليل على وجوب تعلمها، للقاعدة المقررة في الأصول: إن ما لا يتم الواجب المطلق إلا به، هو واجب بوجوب ذلك الواجب المتوقف عليه. والله الموفق.

(٢) وقوله: وإلا ائتم فإن لم يمكنا فالمختار سقوطهما؛ يريد به -والله أعلم- أنه إن لم يمكن المكلف تعلم الفاتحة -لبلادة مثلًا أو لأي عائق آخر- وجب عليه الاقتداء بغيره ممن يحفظ الفاتحة شرطًا في صحة صلاته، لأنه إن صلى فذًا مع وجود من يحفظ الفاتحة بطلت صلاته، فإن لم يمكن التعلم ولم يوجد من يؤتم به، ممن هو حافظ للفاتحة، سقط عنه فرضهما؛ أي فرض قراءة الفاتحة وفرض الالتمام. والدليل قوله -صلى الله عليه وسلم- عند أبي داود والنسائي وأحمد وابن الجارود وابن حبان والحاكم والدار قطني، من حديث ابن أبي أوفى، أن رجلًا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني لا استطيع أن آخذ من القرآن شيئًا، فعلمني ما يجزيني في صلاتي فقال: "قُلْ سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلَا إلهَ إلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ وِلَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ". ا. هـ. نيل الأوطار.

وأيضًا فإنه معلوم أن الاستطاعة شرط في التكليف لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (١). الآية.

(١) وقوله: وندب فصل بين تكبيره وركوعه؛ أي بناء على ما مشى عليه من اختيار اللخمي لسقوط الفاتحة وبدلها، فهو في هذه الحالة يندب له أن يقف قدر ما تقرأ به الفاتحة بعد التكبير قبل الركوع، وقد علمت الدليل على أنه إن لم يقدر على الفاتحة ذكر الله؛ وهو حديث ابن أبي أوفى المتقدم ذكره والله الموفق.


(١) سورة البقرة: ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>