= (٢) وقوله: لمن يصح تملكه ألخ. قال ابن شاس: الركن الثاني الموصى له. فلو أوصى لحمل امرأة فانفصل حيًا صحت الوصية. وقال مالك: تجوز الوصية للصديق الملاطف، ولا يصح له الإقرار بالدين. قال عبد الوهاب: والكل إخراج مال عن الورثة. ا. هـ.
هذا، وقد اختلف العلماء في الوصية لمن تكون؟ وفي حكمها:
أما حكمها فقد قال قوم بوجوبها؛ لحديث البخاري:"مَا حَقُّ امْريءٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ". استدلوا بظاهر هذا الحديث مع ظاهر آية البقرة على وجوب الوصية، وبه قال الزهري وأبو مجلز وعطاء وطلحة بن مصرف في آخرين، وحكاه البيهقي عن الشافعي في القديم، وبه قال إسحاق وداود، واختاره أبو عوانة وابن جرير.
قال ابن حجر: ونسب ابن عبد البر القول بعدم الوجوب إلى إجماع سوى من شذَّ، قال: فلو كانت الوصية واجبة لما قسم مال لم يوص بين ورثته بالإجماع، ولوجب أن يخرج منه سهم ينوب عن الوصية، قالوا: فأما الآية، فإنها منسوخة، على ما قاله ابن عباس: كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله ما أحب؛ فجعل لكل واحد من الأبوين السدس. الحديث. وأجابوا عن الحديث الذي احتجوا به للوجوب، بأنه المراد به الجزم والاحتياط، لأنه قد يفجؤه الموت وهو على غير وصية، ولا ينبغي لمؤمن أن يغفل عن ذكر الموت والاستعداد له، قالوا: ولو كانت الوصية واجبة لما علقها بالإرادة.
ونقل ابن المنذر عن أبي ثور أن المراد بوجوب الوصية في الآية والحديث يختص بمن عليه حق شرعي يخشى أن يضيع على صاحبه إن لم يوص به، كوديعة أو دين لله أو لآدميٍّ، قال. ويدل لذلك تقييده بقوله:"لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أنْ يُوصِيَ فِيهِ". قال. لأن فيه، إشارة إلى قدرته على تنجيزه ولو كان مؤجلًا، فإنه إذا أَرادَ ذلك ساغ له، وإن أراد أن يوصي به ساغ له، قال: وحاصل هذا القول يرجع إلى قول الجمهور من أن الوصية غير واجبة لعينها، وأن الواجب بعينه الخروج من الحقوق الواجبة للغير، سواء كان ذلك بتنجيز أو بوصية.
قال ابن حجر في فتح الباري: فعرف من مجموع ما ذكرنا أن الوصية قد تكون واجبة وقد تكون مندوبة، لمن رجا منها كثرة الأجر، وقد تكون مكروهة في عكسه، وقد تكون مباحة لمن استوى الأمران فيه، وقد تكون محرمة إذا ما كان فيها إضرار، كما ثبت عن ابن عباس: "الإِضْرَارُ فِي الْوصِيَّةِ مِنَ