= وفي مقابل ذلك أخرج في المدونة عن إمامنا وقدوتنا ابن القاسم: قال: وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة قال: لا اعرف ذلك في الفريضة، ولكن في النوافل إذا طال القيام، فلا بأس بذلك يعين به على نفسه. ا. هـ.
وتعال معي أيها المنصف لنناقش هذه الروايات نقاشًا علميًا خاليًا من التعصب المذهبي، فنقول وبالله تعالى التوفيق: قال القرافي في التنقيح ما نصه: الفصل الثالث في ترجيحات الأخبار: وهي إما في السند أو في المتن، فالأول قال الباجي يترجح بأنه في قضية مشهورة والآخر ليس كذلك، أو راويه أحفظ، أو أكثر، أو مسموع منه -صلى الله عليه وسلم- والآخر مكتوب به، أو متفق على رفعه إليه عليه الصلاة والسلام، أو اتفق رواته على إثبات الحكم به، أو راويه صاحب القضية إلى آخر البحث.
فإذا تقرر هذا فاعلم أن رواة وضع اليمني على اليسرى في الصلاة في مذهبنا أكثر من رواة عدمه؛ فقد رواه الموطأ في حديثين، ورواه أشهب عن مالك، ورواه مطرف وابن الماجشون عن مالك، وقال به الباجي وإنه صحيح ثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حديث وائل بن حجر، ورواه ابن وهب عن سفيان الثوري عن غير واحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابن وهب هو من هو في مذهبنا.
هؤلاء خمس روايات بما فيها مالك نفسه، ونفاه ابن القاسم عن مالك فقط، وقد علمت أن الكثرة من المرجحات.
ومن المرجحات أيضًا كون الحكم مسموعًا منه -صلى الله عليه وسلم- ولفظ حديث الموطإ: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، ولم يسمع منه -صلى الله عليه وسلم- فيما علمت أمرًا بالارسال في الصلاة لليدين.
ومن المرجحات كون الحكم اتفق رواته على إثباته، وإذًا فجميع من يرويه متفقون على مشروعيته في الصلاة.
ومن المرجحات كون راويه صاحب القصة، وإذًا فإن رواية مالك في الموطإ مقدمة على رواية غيره عنه في غير الموطإ.
ومن المرجحات أيضًا أن الرِّواية المثبتة مقدمة على الرِّواية النافية كما قال في المنهج: