وجميع من يعتد بقولهم سوى هؤلاء من الصحابة فمن دونهم من التابعين وأتباعهم وأصحاب المذاهب قاطبة، التي تنتمي إلى السنة، يأخذون بفضيلة وضع اليمني على اليسرى في الصلاة.
وهنا أضع طالب الحق أمام الأمر الواقع. والله حسبنا ونعم الوكيل.
غير أني أرى - على قلة اطلاعي - أنه يمكن الجمع بين رواية الموطإ: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، وبين ما رواه عبد الرحمن بن القاسم عن مالك في المدونة: لا أعرف ذلك في الفرض ولكن في النوافل إذا طال القيام.
ذلك أني لما تأملت روايات الباب، وجدت في بعضها وضع اليمني على اليسرى، وفي بعضها قبض بيمينه على شماله، ورأيت الألباني لما ذكر رواية القبض عند النسائي والدارقطني، قال: وفي هذا الحديث دليل على أن القبض سنة، وفي الحديث الأول الوضع، فكل سنة.
فوجدت أن رواية مالك التي رواها - أو رويت عن طريقه - ليس فيها إلا وضع اليمني على اليسرى، وأن التي فيها القبض لم ترو عن طريق الإمام مالك، فدلني ذلك على أن الذي قال مالك: لا أعرفه. إنما هو القبض باليمنى على الشمال، وأن الذي وطأه وروي عنه هو وضع اليمني على اليسرى، وأن التي فيها القبض لم ترو عن طريق الإمام مالك، فدلني ذلك على أن الذي قال مالك: لا أعرفه. إنما هو القبض باليمنى على الشمال، وأن الذي وطاه وروي عنه هو وضع اليمني على اليسرى، فلم يبق إلا أن ينسب ما في المدونة من قولها: وقال مالك في وضع اليمني على اليسرى في الصلاة قال: لا أعرفه، أن ينسب إلى الوهم أو إلى أن الناسخ أَبْدَلَ "قبْض""بوضع"، وهو وجيه، ولولا طول العهد لقلت إني أتذكر أن بعض شراح المختصر مما كان في بدي أيام الدراسة، فيه: وسألت الإمام عن القبض الخ. ولا أستطيع تأكيد ذلك لطول العهد إلا أنه هو الذي كان في حافظتي إلى أن طالعت النسخة التي بيدي من المدونة، فوجدتها كما أثبته عنها وقال مالك في وضع اليمني. الخ.
وبنظرة إلى الروايتين يتضح لك إمكان ما ذكرت لك من الجمع بين روايتي المذهب؛ فأما رواية مالك في الموطإ فقد تقدمت، وأما الرِّواية الأخرى فهي ما يلي: أخبرنا سويد بن نصر قال: أنبأنا عبد =