للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمُتَغيِّرٍ (١) لوْنًا أوْ طَعْمًا أوْ رِيحًا بِمَا يُفارِقُهُ غَالِبًا مِنْ طَاهِرٍ أوْ نَجَسٍ؛ كَدُهْنٍ خَاَلطَ أو بُخَارِ مَصْطَكَّا، وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّره (٢) وَيَضُرُّ بَيِّنُ التَّغَيُّرِ بِحَبْلِ سانيةٍ كغَدِير برَوْثِ مَاشِيةٍ أوْ بئْر بوَرَقِ شَجَرٍ أوْ تِبْنٍ. والأظْهَرُ فِي بِئْرِ البَادِيَةِ بِهِمَا الجوَازُ (٣). وَفي

= الماء، والذي يؤيده الدليل أن الملح إن اعتبر مفارقًا منفكًا عن الماءِ سلب طهوريته، ولعل الذي يقول: لا يسلب الطهورية، اعتبره مثل الثلج في أنه ماءٌ أصالة. والله تعالى الموفق.

(١) الدليل على أن الماء المتغير لونًا أو طعمًا أو ريحًا مسلوب الطهورية، هو ما رواه راشد بن سعد عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ شَيْءٌ إلَّا مَا غَيَّرَ رِيحَهُ أوْ طَعْمَهُ". عند الدارقطني وقد تقدمت روايته عند ابن ماجه: "إلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنهِ".

(٢) أما الدليل على أنه إن تغير بطاهر بقي على طهارته، فحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عند ابن خزيمة أنه قيل لعمر: حدثنا عن ساعة العسرة، فقال عمر: خرجنا الى تبوك في قيظ شديد، فنزلنا منزلًا أصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى إن الرجل ينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده إلى آخر الحديث، قال ابن خزيمة:

لو كان ماءُ الفرث نجسًا لما جاز أن يجعلهُ المرث على بدنه، وهو غير واجد لماءٍ طاهر يغسله به.

ودليل كونه إن تغير بنجس تنجس هو ما حكاه ابن المنذر: أجمع أهل العلم أن الماء القليل والكثير إذا وقعت نجاسة فغيرت للماء طعمًا أو لونًا أو ريحًا أنه ينجس ما دام كذلك. ذكره ابن قدامة في المغني في المجلد الأول ص ٢٠. وقد حكى الشوكاني هذا الإجماع أيضًا في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، لكنه حكاه عن البدر المنير في المجلد الأول ص ٣٥.

(٣) ما ذهب إليه ابن يونس من عدم تأثر بئر الماشية والغدران بأبوال الماشية وروثها وبورق الشجر، لعدم الاحتراز من ذلك وغلبة الوقوع، تشهد له القاعدة العامة التي تقول: (الصثمقة تجلب التيسير) ودليلها قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (١) وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٢). وقوله -صلى الله عليه وسلم-:"إذَا أَمَرْتُكمْ بِشَيْء فَأتوا مِنْة مَا اسْتَطَعْتمْ" وقال الباجي في المنتقى: وقد روى في المجموعة ابن غانم عن مالك في غدير تردها الماشية، فتبول فيها وتروث فتغير طعم الماء =


(١) سورة الحج: ٧٨.
(٢) سورة التغابن: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>