= والاحتياط أن كل من انتظم أمرهم في حياة دائمة بقرية ما عليهم الجمعة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - "دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ" وبالله التوفيق.
وحديث جابر رضي الله عنه، قال: مضت السنة أن في كل أربعين فصاعدًا جمعة. رواه بلوغ المرام وقال: رواه الدارقطني بإسناد ضعيف. قال الصنعاني: وذلك أنه من رواية عبد العزيز بن عبد الرحمن، وعبد العزيز قال فيه أحمد: إضرب على أحاديثه فإنها كذب أو موضوعة. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا يجوز أن يحتج به.
أقول وأكرر، والله حسبنا ونعم الوكيل: إن الأحوط والأسلم لأهل قرية استوطنوها، وانتظمت حالهم فيها، يخافون الله تعالى ويشفقون من وعيد ترك الجمعة بغير عذر، الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مَراتٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلبِهِ". رواه البغوي من حديث أبي الجعد الضمري، وهو صحيح الإسناد. الأحوط لمن يخاف هذا الوعيد أن يصليها في قريته بغض النظر عن العدد الذي لم يثبت فيه شيء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما علمت.
(٢) وقوله: بإمام مقيم؛ أي ولما كانت الجمعة يشترط لها الجماعة، تعين أن تكون بإمام ممن تجب عليهم الجمعة. ففي المدونة: وقال مالك في أهل قرية أو مصر من الأمصار يجمع في مثلها الجمع، مات واليهم ولم يستخلف، فبقي القوم بلا إمام، قال: إذا حضرت الجمعة قدموا رجلًا منهم، فخطب بهم وصلى بهم الجمعة. قال: وكذلك القرى التي ينبغي لأهلها أن يجمعوا فيها الجمعة؛ لا يكون عليهم وال، فإنه ينبغي لهم أن يقدموا رجلًا فيصلي بهم الجمعة، يخطب بهم ويصلي. وقال: إن لله فرائض في أرضه لا ينقضها إن وليها وال أو لم يلها. أو نحوًا من هذا. يريد الجمعة. ا. هـ. منه.
وقوله: إلا الخليفة يمر بقرية جمعة الخ. هو استثناء من عدم جواز إمامة المسافر، وهو لفتوى مالك في المدونة: وقال مالك في الأمير المؤمر على بلد من البلدان فيخرج في عمله مسافرًا؛ إن مر بقرية من قراه تجمع في مثلها الجمع، جمع بهم الجمعة. وكذلك إن مر بمدينة من مدائن عمله جمع بهم الجمعة، فإن جمع في قرية لا يجمع فيها أهلها لصغرها فلا تجزئهم، وإنما كان للإمام أن يجمع في القرى التي يجمع مثلها، إذا كانت من عمله وإن كان مسافرًا لأنه إمامهم. ا. هـ. منه. =