= الأثر الذي استدل به في المدونة موقوف على عليٍّ رضي الله عنه، فلا يعارض به ما أخرجه الشيخان من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: دخل رجل يوم الجمعة المسجد والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فقال له:"أصَلَّيْتَ "؟. قال: لا. قال:"فَصَل رَكْعَتَيْنَ". وما تفرد به مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة وهو يخطب، فجلس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا جَاءَ أحَدُكمُ الْجُمُعَةَ وَالإِمَامُ يَخْطبُ، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ لْيَجْلِسْ". فهذان الحديثان دليل واضح على أن قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه" إِذَا دَخَلَ أَحدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ". يشمل ما لو دخل والإمام على المنبر، دخل في الخطبة أو لم يدخل فيها، ولا يعارض مثل هذه الأحاديث بقوله - صلى الله عليه وسلم - لمن رآه يتخطى رقاب الناس "اجْلِسْ فَقَدْ آنَيْتَ وَآذَيْتَ". لأنه قضية في عين، ويتطرقه الاحتمال بكون الموضع لا يتسع للصلاة، أو بكونه جاء في آخر لحظة، ويشير إليه قوله - صلى الله عليه وسلم - "فَقَدْ آنَيْتَ". والأقرب من الاحتمالين أنه جاء في آخر لحظة بحيث أنه إذا تشاغل بالركوع فاته أول صلاة الفرض، ومعلوم أن وقائع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال، كساها ثوب الإجمال فسقط بها الاستدلال.
نعم، تنقطع بدخول الإمام صلاة التطوع، فبمجرد جلوسه على المنبر امتنع أن يصلي غير الداخل، فعليه أن يصلي ركعتين يتجوز فيهما. وبالله التوفيق.
(٢) وقوله: وفسخ بيع وإجارة وتولية وشركة وإقالة وشفعة بأذان ثان؛ فيه مبحثان، كل منهما يحتاج إلى الاستدلال عليه؛ أولهما قوله: بأذان ثان، لقد كان الأذان للجمعة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في سائر الصلوات؛ يؤذن واحد إذا جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، وكان كذلك على عهد أبي بكر وعمر وعلي بالكوفة، ثم زاد عثمان لما كثر الناس أذانًا ثالثًا على داره التي تسمى بالزوراء، وكان يؤذن بهذا الأذان أول الوقت عند الزوال، وسمي ثالثًا باعتبار كونه مزيدًا على الأذان بين يدي الإمام والإقامة للصلاة، فهو أول باعتبار الوجود وثالث باعتبار مشروعية عثمان له باجتهاده، وموافقة الصحابة له لعدم إنكارهم عليه، فإذا سمع الناس هذا الأذان أقبلوا، حتى إذا جلس عثمان على المنبر أذن مؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم يخطب عثمان. =