(١) قوله: ولا يصلى بلباس كافر. ألخ؛ كل ذلك للاحتياط والأخذ باليقين؛ ولدليل حديث عائة رضي الله عنها قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يصلي في شُعُرِنَا. رواه أحمد وأبو داود وصححه الترمذي، ولفظ الترمذي: لا يصلي في لحف نسائه. قال الشوكاني: ورواه أيضًا النسائي وابن ماجه، كلهم من طريق محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة.
وقولي: إن فعله هذا كان للاحتياط، لأنه ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: سمعت رجلًا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أصلي في ثوبي الذي آتي فيه أهلي؟. قال:"نَعَمْ، إلَّا أنْ تَرَى فِيهِ شَيْئًا تَغْسِلُهُ". رواه أحمد وابن ماجه. وحديث أبي هريرة: كنا نصلي العشاء مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما من خلفه. الحديث رواه أحمد. وحديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل وأنا إلى جنبه وأنا حائض وعليَّ مرط عليه بعضه. رواه أيضًا أبو داود وابن ماجه. وحديث أبي قتادة المتفق عليه: كان -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو حامل أُمامة بنت زينب، فإذا ركع وضعها وإذا قام حملها.
كل ذلك يدل على أن مظنة النجاسة دون تيقنها، لا تبطل الصلاة وإنما نهي عن ذلك في المذهب للاحتياط والأخذ باليقين. والله الموفق.
(٢) قيل تعليل حرمة استعمال ذلك التزهيد في الدنيا، ولكن الوعيد في ذلك يرد عليه، لأنه لا يرد وعيد إلا في محرم، والنص الوارد في ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ ولا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَلَا تَأكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإنهَا لَهُم فِي الدنْيَا وَلَكُم فِي الآخِرةِ". متفق عليه من حديث حذيفة، وورد في الذي يستعمل ذلك من الوعيد قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنهِ نَارَ جَهَنَّمَ". متفق عليه من حديث أم سلمة رضي الله عنها. ولعائشة رضي الله عنها عند أحمد وابن ماجه:"الذي يَشْرَبُ فِي إناءِ فِضَّةٍ كَأنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نارًا".=