(٢) وقوله: تجب زكاة نصاب النعم بملك وحول كملا؛ أما بالنسبة لاشتراط الحول؛ فهو ما رواه في المدونة عن جرير - رضي الله عنه - حيث يقول: إلا أن جريرًا قال في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لَيْس فِي مَالٍ زَكَاة حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ". وأما بالنسبة لاشتراط مالك النصاب؛ فهو ما رواه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيْس فِيمَا دُونَ خْمَسْةِ أَوسُقٍ مِن التَّمْر صَدَقَةٌ، وَليَسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الوَرِقِ صَدَقَةٌ، ولَيسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَودٍ مِنْ الإبِلِ صَدَقَةٌ". ولفظه في الموطإ: حدثني عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَودٍ صَدَقَةٌ، وَلَيسَ فِيمَا دُونَ خَمسِ أوَاقٍ صَدَقةٌ، وَليسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أوْسقٍ صَدَقَةٌ". ثم جاء في الحديث الذي يليه برواية الشيخين المتقدمة.
(٣) وقوله: وإن معلوفة وعاملة، مستنده في ذلك قول مالك في الموطإ في الإبل النواضح، والبقر السواني، وبقر الحرث: اني أرى أن يؤخذ من ذلك كله إذا وجبت فيه الصدقة.
قلت: رأي الإمام هنا مبني على أن النصاب هنا عيّن بصيغة الإطلاق: "في أرْبَعِينَ شَاةٌ شَاةٌ". "في أربَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإبِلِ فَمَا دُونَهَا الْغَنَمُ في كُلِّ خَمْس شَاةٌ". فلم يقل الإمام بتقييد هذا الإطلاق المنطوق بمفهوم المخالفة في قوله: "في الغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةَ". وأيضًا فإن علة الزكاة نعمة الملك، وهي حاصلة في المعلوفة كما هي حاصلة في السائمة، إلا أن السوم وصف مكمل، فإن نعمة الملك مع السوم أتم، فلو قلنا: إن السوم وصف تترتب عليه الزكاة، لوجبت الزكاة في الوحوش السائمة في أرض تملكها، ولا أحد يقول بذلك، فعلم أن علة الزكاة متمحضة في نعمة الملك، وهي حاصلة في معلوفة الأنعام وعاملتها. والله الموفق. =