= تجب في مثلها الزكاة، فقال له الرجل: قد أديت صدقتها إلى المساكين؟. فقال: لا يقبل قوله هذا لأن الإمام عدل فلا ينبغي لأحد أن يمنعه صدقتها. قلت: هذا قول مالك؟. قال: نعم. إذا كان مثل عمر بن عبد العزيز. قلت: أرأيت إذا حال الحول على ماشية الرجل عنده، أيجب عليه أن يزكيها أم ينتظر الساعي حتى يأتي؟. قال: إن خفي له فليضعها مواضعها، إذا كان الوالي ممن لا يعدل، وإن كان من أهل العدل انتظره حتى يأتي له، ولا ينبغي له أن يخرجها، وإن كان ممن لا يعدل وخاف أن يأتوه، ولا يقدر أن يخفيها عنهم، فليؤخر ذلك حتى يأتوه. قال مالك: إذا خفي لرب الماشية أمر ماشيته عن هؤلاء السعاة - ممن لا يعدل - فليضعها مواضعها، إن قدر على ذلك، فإن أخذوها منه أجزأه، وأحب إليَّ أن يهرب بها عنهم إن قدر على ذلك. قال وأخبرني مالك أن ابن هرمز كان إذا جاءت غنم الصدقة المدينة، امتنع من شراء اللحم من السوق تلك الأيام.
قلت: وبنظرة إلى هذه النقول المنسوية لمالك في المدونة، يشكل عندك إطلاق وصف الساعي بأنه شرط وجوب للزكاة إن كان وبلغ، نعم، يمكن وصفه بأنه شرط أداء أو شرط صحة أو هما سواء لقول مراقي السعود:
الشرط في الصحة شرط في الأدا .. وعزوه للاتفاق وجدا
وإلا، فكيف يتصور بأنه شرط وجوب لا يتوجه الخطاب بالزكاة إلى المكلف قبل وصوله، في الوقت الذي يفتي فيه مالك بقوله: وأحب إليَّ أن يهرب بها عنهم إن قدر على ذلك؟. فهل يمكن لأحدنا أن يتهرب من الصلاة بعد دخول الوقت، الذي هو شرط وجوبها؟. وهل تستطيع امرأة أن تتهرب من الصلاة بعد نقائها من دم الحيض قبل خروج الوقت؟. ومعلوم أن شرط الوجوب هو ما يتوجه بموجبه الخطاب إلى المكلف. قال في مراقي السعود: