للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال القاضي أبو بكر بن العربي: امتنَّ الله على خلقه في إنبات الأرض ثم قال لهم: كلوا مما أنعمت به عليكم، وآتوا حقه إذا جمعتموه بأيديكم وآويتموه إلى رحالكم، فكما خلقه نعمة، ومكن منه نعمة، أوجب فيه الحق. قال مالك: الحق هنا الزكاة، وصدق، ومن قال غير هذا فقد وهم، وتعين حمل هذا على عمومه، إلا ما خصه دليل يصح تخصيصه هنالك حسب ما ذكرناه وحققناه هناك، فأما من حمله على عمومه فاستثنى الحطب والقضب والحشيش، فلا يقال: إنه تخصيص لأنه قال: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} فإنما أوجب إيتاء الحق فيما يؤكل. ا. هـ. منه. العارضة.

وروى البغوي بسنده عن عتاب بن أسيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في زكاة الكَرْم: "يُخْرَص كَمَا يُخْرَص النَخْلُ ثُمَّ تؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤَدَّى زَكَاةُ النخْلِ تَمْرًا". وفي الموطإ: حدثني يحيى عن مالك عن الثقة عنده، عن سليمان بن يسار عن يسر بن سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ وَالْبَعْلِ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ". وفي الموطإ كذلك قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا يخرص من الثمار إلا النخيل والأعناب، فإن ذلك يخرص حين يبدو صلاحه ويحل بيعه، وذلك أن ثمر النخيل والأَعناب يؤكل رطبًا وعنبًا، فيخرص على أهله للتوسعة على الناس، ولئلا يكون على أحد في ذلك ضيق، فيخرص ذلك عليهم ثم يخلى بينهم وبينه يأكلونه كيف شاؤوا، ثم يؤدون منه الزكاة على ما خرص عليهم. قال مالك: فأما ما لا يؤكل رطبًا وإنما يؤكل بعد حصاده، من الحبوب كلها فإنه لا يخرص وإنما على أهلها فيها فإذا حصدوها ودقوها وطيبوها وخلصت حبًا، فإنما على أهلها فيها الأمانة، يؤدون زكاتها إذا بلغ ذلك ما تجب فيه الزكاة، وهذا الأمر لا اختلاف فيه عندنا. قال مالك: الأمر المجمع عليه عندنا أن النخل يخرص على أهلها، وثمرها في رؤوسها، إذا طاب وحل ببعه، ويؤخذ منه صدقته تمرًا عند الجذاذ، فإن أصابت الثمرة جائحة - بعد أن تخرص على أهلها، وقبل أن تجذ - فأحاطت الجائحة بالثمر كله فليس عليهم صدقة، فإن بقي من الثمر شيء يبلغ خمسة أوسق فصاعدًا بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ منهم زكاته، وليس عليهم فيما أصابت الجائحة زكاة، وكذلك العمل في الكرم أيضًا. ا. هـ. منه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>