قلت: هل كان مالك يقول بغسل الإناء سبع مرات إذا ولغ الكلب في الإِناء في اللبن وفي الماء؟.
قال: قال مالك: قد جاء الحديث وما أدري ما حقيقته؟. قال: وكأنه كان يرى أن الكلب كأنه من أهل البيت وليس كغيره من السباع، وكان يقول: إن كان يغسل ففي الماء وحده وكان يضعفه. وقال: لا يغسل من سمن ولا لبن ويؤكل ما ولغ فيه من ذلك، وأراه عظيمًا أن يعمد إلى رزق من رزق الله فيلقى الكلب ولغ فيه. ا. هـ. محل الغرض منه.
(١) قلت: الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة: "إذَا شَربَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ مبْعًا". ولأحمد ومسلم:"طَهُوز إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَة سَبعَ مَرَّات أُولَاهُنَّ التُّرابِ". وهو نص في أن الكلب إذا ولغ في إناء بصيغة التنكير، أهريق ما فيه وغسل سبع مرات؛ فهو دليل على وجوب الغسلات السبع من ولوغ الكلب، قال الشوكاني: وإليه ذهب ابن عباس وعروة من الزبير ومحمد بن سيرين وطاوس وعمرو بن دينار والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وداود. ا. هـ. منه.
فحكاية ندب الغسل هنا وتخصيص الولوغ بالماء يحتاج إلى مخصص خارجي، وقد نقلنا لك من لمدونة الفتوى المنقولة عن مالك والتي يتبلور منها محض الاجتهاد. وعندي أنه هنا يتعين في المسألة لأخذ بقوله المأثور عنه: إذا رأيت فانظروا في رأيي؛ فما وافق السنة والكتاب فخذوا به، وما خالفهما اضربوا به الجدار.
وقولي: إنه يتعين العمل بذلك هنا، لأن المنقول عن الإمام هنا محض الاجتهاد، ألا ترى إلى وله: وأراه عظيمًا أن يعمد إلى رزق من رزق الله فيلقى لكلب ولغ فيه، وإذًا، فإنه اجتهاد في محل رد فيه النص. ومعلوم أن المقرر في فن الأصول، أن مثل ذلك يقدح فيه بالقادح المعروف بفساد لاعتبار، على ما عقده شيخ مشائخنا في مراقي السعود بقوله:
والخلف للنص أو اجماع دعا … فساد الاعتبار كل من وعى
لذي يجب الرجوع إليه في نظري وتجب به الفتيا، هو وجوب إراقة إناء المائع الذي ولغ فيه الكلب، غسل الإناء منه سبع مرات؛ وذلك امتثالًا لأمره -صلى الله عليه وسلم-، الذي هو حقيقة في الوجوب. بدليل قوله=