= الثانية: أن تكون جزء محل الحكم الخاص به دون غيره؛ كتعليل نقض الوضوء في الخارج من السبيلين بالخروج منهما، فالخروج جزء معنى الخارج؛ إذ معناه ذات متصفة بالخروج كما تقدم إيضاحه في شرحنا لقوله: وإن يكن بهم فقد عهد ألخ.
والثالثة: وصف محل الحكم الخاص به أيضًا؛ كتعليل الربا في الذهب والفضة بكونهما أثمان الأشياء، لأن ذلك وصف لازم لهما في غالب أقطار الدنيا. ا. هـ. منه بلفظه.
وإذن فإنه انطلاقًا من جواز التعليل بوصف محل الحكم، يستطاع أن تلحق هذه الأوراق بالنقد، تعليلًا لها بأنها أثمان الأشياء في جميع أقطار الدنيا.
قلت: وإن عجبي لا ينقضي من بعض من يفتي اليوم بعدم وجوب الزكاة في هذه الأموال مهما أدارها صاحبها ما لم يشتر منها نقًدا، فالذي عليه المذهب عندنا أن التاجر المدير لعروضه تجب عليه زكاتها كلما دار عليها الحول، والمدير تقدم تعريفه بأنه هو الذي يبغ كيفما اتفق، ولا ينتظر ارتفاع الأسعار كأرباب الحوانيت، لكنه إذا كان يشتري السلع ثم ينتظر بها ارتفاع الأسعار، فهو المحتكر الذي ينتظر بزكاته لعروضه بيعها ولعام واحد، مهما مكثت محتكرة عند مالك.
إنَّ الذي يظهر حسب الأدلة، والذي تجب به الفُتيا - في نظري - أن هذه الأوراق مال مدار، تجب زكاته كلما حال عليه الحول، يلزم فيه ربع العشر لله تعالى، وإن من امتنع عن زكاته يصدق فيه الوعيد الوارد في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}(١). والله تعالى أسأل أن يوفقنا جميعًا إلى ما فيه رضاه عز وجل. وهو ولي التوفيق.