للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هَلْ سَبْق حُكْم شَرْطه مُغْتَفَرُ … عَلَيْهِ مَنْ زكى وَمَنْ يُكَفِّرُ

أي يبنى على هذا الأصل من زكَّى قبلَ الحول بيسير، هل تجزئه زكاته أولا؟. ومن يكفر بعد اليمين قبل الحنث.

قلت والخلاف في تقديم الزكاة مطروق، قال البغوي: ذهب أكثر أهل العلم إلى جواز تقديم الزكاة قبل تمام الحول، منهم الزهري، والأوزاعي والشافعي، وأحمد وإسحاق، وأصحاب الرأي. وذهب قوم إلى أنه لا يجوز التعجيل، ويعيد لو عجل. وهو قول الحسن ومذهب مالك. ا. هـ منه بتصرف.

والأصل في هذا الخلاف أن الأوامر إما تعبدية وإما تعليلية؛ فما كان منها موقوتًا - وهو تعبدي - لا يجوز تقديمه عن وقته، ولا يجزىُ فعله قبل وقته، كالصلاة مثلًا، وما كان منه تعليلي جاز وأجزأ قبل وقته، لحصول المراد منه البين بفعله؛ كقضاء الدين قبل أجله ونحو ذلك. وما كان من هذه الأوامر متردد بين التعبدية والعلة اختلف فيه كالزكاة مثلًا، فمن اعتبرها أمر بها لسد خلة الفقير قال: هي تعليلية، ويجوز تقديمها عن وقتها، ومن قال: هي تعبدية، بالنظر إلى الأنصباء، فإن في أرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، وفي ثمانين شاة، فلو كانت العلة ملك الأربعين للزمه شاتان، وفي مائة وعشرين شاة واحدة، لا جرم إذا زادت بعد المائة والعشرين شاة واحدة لزمه أن يدفع شاتين، ونحو ذلك فإنه بالنظر إلى هذه الناحية أشبهت الزكاة أن نكون تعبدية، فيمتنع تقديمها عن وقتها، وكذلك الإِجزاء لو قدمت. فكان المذهب عند أصحابنا إلحاقها بالتعبدات - من حيث عدم التقديم - إلا أنه يغتفر تقديمها بكشهر نظرًا للقاعدة المتقدمة وللأخرى التي يقول: ما قارب الشيء يعطى حكمه. وقد بين في مراقي السعود هذا التفصيل المتقدم في الأوامر قال:

والأمر قبل الوقت قد تعلقا … بالفعل للإِعلام قد تحققا

وبعدُ للإِلزام يستمر … حال التلبس وقوم فروا

فليس يجزي من له يقدمُ … ولا عليه دون حظر يُقْدَمُ

وذا التعبُّدُ، وما تَمَحَّضا … للفعل فالتقديم فيه مرتضى

وما إلى هذا وهذا ينتسب … ففيه خُلْفٌ دُون نصٍّ قَدْ جُلِبْ =

<<  <  ج: ص:  >  >>