للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقوله: دون نص قد جلب؛ يعني أن محل الخلاف في المتردد بين التعبد والمفعولية، هل يقدم قبل وقته أم لا؟. هو فيما لم يرد نص بجواز التقديم فيه، وإلا جاز تقديمه بلا خلاف، مثل الوضوء فإنه متردد بين التعبد والمفعولية، لأن خصوص هذه الأعضاء دون غيرها، ولزوم غسلها للحدث ولو نظيفة أمر تعبدي، لا تظهر فيه حقيقة نتيجة الفعل، كظهورها في غير التعبدي، وكون الوضوء ينظف هذه الأعضاء معقول المعنى، لأن التنظيف تحصل ثمرته بمجرد الفعل، غير أن الوضوء أجمع المسلمون على جواز تقديمه قبل دخول وقت الصلاة، فإذا تقرر ذلك فاعلم أنه قد ورد النص بتقديم الزكاة عن وقتها، فلا ينبغي إذن أن يجري الخلاف في جواز ذلك. لما تقرر من قوله: دُون نص قد جُلِبَ فقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة؛ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصدقة، فقيل منع ابن جميل، وخالد بن الوليد، وعباس بن عبد المطلب؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيل إلَّا أَنَّهُ كَان فَقِيرًا فَأغْنَاهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ، فَإنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأمَّا الْعَبَّاسُ بْن عَبْدِ الْمُطلِبِ عَمَّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم - فَهِيَ عَلَيْهِ صَدَقَة وَمثْلُهَا مَعَهَا". هذا الحديث بهذا اللفظ للبغوي وقال: متفق على صحته، أخرجه مسلم عن زهير بن حرب عن علي بن حفص، عن ورقاء، عن أبي الزناد، وقال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على الصدقة، وقال: "قَدِ احْتَبَسَ أَدرَاعَهُ وَأعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ عَلَي ومِثْلُهَا مَعَهَا". ثم قال: "يَاعُمَرُ أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ". ا. هـ.

وهو في البخاري في الزكاة؛ باب قول الله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} (١) أما مسلم فقد خرجه في الزكاة؛ باب في تقديم الزكاة ومنعها. ا. هـ.

وأخرج البغوي أيضًا بسنده عن جُحيبة بن عدي عن عليٍّ أن العباس سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته، قبل أن يحلَّ، فرخَّص له في ذلك، وقال: هذا حديث حسن. وهو في الترمذي، وأحمد، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي. ا. هـ.

وفي حديث الشيخين، لا سيما في رواية مسلم "هِيَ عَلَى وَمثْلُهَا مَعَهَا". دليل على جواز تقديم الصدقة؛ لأنهم أولوه تأويلين، أحدهما: أنه كان تسلف منه صدقة سنتين، فصارت دينًا عليه، وفيه =


(١) سورة التوبة: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>