للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَصَوْمٌ بِسَفَرٍ وَإِنْ عَلِمَ دُخُولَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ (١).

= وأخرج عبد الرزاق في المصنف أيضًا عن ابن عيينة عن شبيب بن غرقدة عن حِبَّان ابن الحارث قال: أتيت عليًا وهو معسكر بدير أبي موسى، وهو يتسحر، فقال: ادْنُ، قال: قلت: إني أريد الصيام. قال: وأنا أريد الصيام. فلما فرغ قال للمؤذن: أقم الصلاة. ا. هـ. ولولا الاختصار وخشية الطول لجئت بمزيد من ذلك.

(١) وقوله رحمه الله: وصوم بسفر، في المدونة: قال مالك: الصوم في السفر أحب إليَّ لمن قوي عليه، وكل واسع. ا. هـ. بنقل المواق.

ودليل أن الصوم أفضل للمسافر من الفطر قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (١) الآية. وقول الإمام: وكل واسع، دليله الحديث المتفق عليه؛ عن عائشة رضي الله عنها أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أأصوم في السفر؟. وكان كثير الصيام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأفْطِرْ". ومن أدلة ذلك أيضًا الحديث المتفق عليه عن أنس بن مالك أنه قال: سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم.

وعن أبي سعيد قال: كنا نسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان؛ فمنا الصائم ومنا المفطر، فلا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، أخرجه البغوي وقال: رواه مسلم عن عمرو النقاد، عن إسماعيل عن إبراهيم عن الجريري. وهذه الأحاديث تدل على ما نقلناه عن إمام دار الهجرة؛ من أن الكل واسع. وهوقول عامة أهل العلم إلا ما نقل عن ابن عمر قوله: إن صام في السفر قضى في الحضر. وعن ابن عباس أنه قال: لا يجوز الصوم في السفر. وإليه ذهب من المتأخرين داود بن علي الظاهري.

ثم إن أهل العلم اختلفوا في أفضل الأمرين، فذهب مالك إلى أن الصوم أفضل لقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (٢). وهو قول أنس بن مالك، وعثمان بن أبي العاص. وبه قال النخعي، وسعيد بن جبير، وإليه ذهب ابن المبارك، والثوري، والشافعي وأصحاب الرأي.

وقال قوم: الفطر أفضل. يروى ذلك عن ابن عمر. وإليه ذهب ابن المسيب والشعبي. وبه قال الأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق. =


(١) و (٢) سورة البقرة: ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>