(١) وقوله: وإن جن ولو سنين ألخ. يريد به - والله أعلم - إن المكلف إن جن وترك الصوم لذلك، لعدم صحته منه، وأفاق بعد جنونه، قضى ما فاته من الصوم وجوبًا، شأنه في ذلك شأن الحائض والنفساء.
قلت: ومعلوم أن القضاء تدارك لما فات مما علم وجوبه. قال شيخ مشائخنا في مراقي السعود:
… ثم القضا تداركًا لما … سبق الذي أوجبه قد علما
وعليه، فلا يتجه وجوب القضاء على فاقد العقل؛ لأنه ليس من أهل التكليف أصلًا، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ" … الحديث، وذكر منهم المجنون حتى يفيق، ولا يرد عليه تكليف الحائض بقضاء الصوم، وتكليف النائم بقضاء الصلاة؛ لورود النص بوجوب قضاء الإِثنين عنه - صلى الله عليه وسلم - وكلاهما معروف. نعم، إن قلنا: إن ذلك مفرع على شطر القاعدة الخلافية: هل القضاء بالأمر الأول وجوبه، أو هو لا يجب إلا بأمر جديد؟. أعني شطرها الأول حيث يقال: إنه وقت توجه الخطاب بوجوب رمضان كان بالغًا، فترتب في ذمته إلى أن يفيق فيجب عليه القضاء. وهذا تعسف بالنسبة لمن جن وهو بالغ، أما من جن وهو صبي، فلا يتوجه عليه بحال من الأحوال. والعلم عند الله تعالى. وهو ولى التوفيق.
(٢) وبترك جماع ألخ. قال الحطاب: ظاهر كلامه أن هذا شرط رابع. وقال الشارح: الأحسن أن يعد هذا من الأركان، إلا أن يكون المراد بالشرط؛ ما لا تصح الماهية بدونه، سواء كان داخلًا أو خارجًا. وهذا جار في أكثر الشروط التي ذكرها في هذا الباب.
قال: وفي الشامل: وركنه إمساك من طلوع الفجر الصادق للغروب، عن إيلاج حشفة أومثلها من مقطوعها، ولو بدبر أو فرج ميتة أو بهيمة، وإخراج مني ولا أثر للمستنكح منه ومن المذي. ا. هـ. انتهى منه. =