للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رأيت رجلًا أدأب للسِّواك من عمر بن الخطاب وهو صائم، ولكن بعود قد ذَوِيَ. يعني يابس. وهذا الحديث أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عن مسعر والثوري. وأخرجه البيهقي من طريق مسعر.

قال البغوي: أكثر أهك العلم لم يروا بأسًا بالسواك للصائم أول النهار وآخره، إلا أن قومًا كرهوا له أن يستاك بالعود الرطب.

وذهب قوم إلى كراهية السواك له بعد الزوال؛ لما فيه من إزالة الخلوف، يروى ذلك عن ابن عمر، وإليه ذهب عطاء ومجاهد. وبه قال الأوزاعي والشافعي، وأحمد وإسحاق. ولو استاك - قال عطاء وقتادة: يبتلع ريقه. علقه عنهما البخاري ووصله عبد الرزاق. ا. هـ. والله الموفق.

(٢) وقوله: وقضى في الفرض مطلقًا، يريد به - والله أعلم - أن من أفطر في الفرض عليه القضاء. ومراده بالإطلاق؛ سواء كان أفطر عمدًا أو سهوًا أو غلبة أو إكراهًا، حرامًا أو جائزًا أو واجبًا. كان الفرض أصليًا أو نذرًا. والمذهب أنه يجب عليه الإِمساك، إن كان فرضًا معينًا زمنه؛ - كرمضان أو نذر معين - أو تطوعًا أفطر فيه ناسيًا، أو كفارة ظهار أو قتل، أو فطر رمضان. وخيّر في الإِمساك فيما عدا هذه.

قلت: الدليل إلى جانب من يقول: إن من أفطر من صومه سهوًا، لا قضاء عليه ولا إثم ولا كفارة. قال في المنتقى للمجد: باب من أكل أو شرب ناسيًا؛ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأكلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا اللهُ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ". رواه الخمسة إلا النسائي. وفي رواية: "إِذَا أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِيًا أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فَإِنَّمَا هُوَ رِزْق سَاقَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ". رواه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح. وفي لفظ: "مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةً". قال الدارقطني: تفرد به ابن مرزوق وهو ثقة عن الأنصاري. ا. هـ.

قال الشوكاني هنا - بعدما تكلم على تخريج الحديث، وحكم على سنده بالصحة - قال: ويتعضد أيضًا بأنه قد أفتى به جماعة من الصحابة من غير مخالف. كما قال ابن المنذر وابن حزم وغيرهما، منهم: علي وزيد بن ثابت وأبو هريرة وابن عمر، ثم هو موافق لقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (١). فالنسيان ليس من كسب القلوب. وموافق للقياس في إبطال


(١) سورة البقرة: ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>