(١) وقوله عليه رحمة الله: وكفّر إن تعمد - بلا تأويل قريب وجهل في رمضان فقط - جماعًا، في المواق: ابن عرفة: تجب الكفارة في إفساد صوم رمضان انتهاكًا له. الكافي؛ وكل واجب غير رمضان لا كفارة على المفطر فيه عامدًا. ا. هـ. منه.
وقوله جماعًا مفعول تعمد، أي أن من انتهك حرمة رمضان بموجب الغسل وطءًا وإنزالا تجب عليه الكفارة. ودليله ما رواه الزهري عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: بينا نحن جلوس عند النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، هلكتُ. قال:"مَا لَكَ"؟. قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ " قال: لا. قال:"فَهَل تَسْتَطِيع أنْ تَصُومَ شَهْرَيْن مُتَتَابِعَيْنِ؟ ". قال: لا. قال:"فَهَلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا". قال: لَا.
فمكث النبي - صلى الله عليه وسلم -. فبينما نحن على ذلك أتي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فيه تمر، فقال:"أيْنَ السَّائِلُ؟ ". فقال: أنا، قال:"خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ به". فقال الرجل: على أفقر مِنِّي يا رسول الله؟. فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي. فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه، ثم قال:"أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ". متفق عليه. وفي بعض رواياته بعد:"فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ " قال: لا. "اجْلِسْ" فجلس. فأوتي النبي بِعَرَق فيه تَمر - والعرق المكتل الضخم - قال:"فَتَصَدَّقْ بِهِ". قال: ما بين لابتيها أحد أفقر منا. قال: فضحك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابهُ، قال:"خُذْهُ فَأطْعِمْهُ أهْلَكَ".
لذلك، فقد أجمعت الأمة على أن من جامع متعمدًا في نهار رمضان، يفسد صومه وعليه القضاء، ويعزر على سوء فعله. وذهب عامة أهل العلم إلى أن عليه الكفارة؛ إذا أفسد صومه بالجماع، بدليل هذا الحديث. ولم نعلم مخالفًا في ذلك إلا ما روي عن سعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وقتادة أنهم قالوا: لا كفارة عليه. قال البغوي: ويشبه أن يكون الحديث لم يبلغهم. =